1404/09/19
بسم الله الرحمن الرحیم
فی مطلوبیة تکثیر الاولاد/فی تحدیدالنسل و تقلیل الموالید /المسائل المستحدثه
موضوع: المسائل المستحدثه/فی تحدیدالنسل و تقلیل الموالید /فی مطلوبیة تکثیر الاولاد
وأما الکلام فی تحدید النسل:
فأقول: إنّه إذا کان التحدید فی النسل لازماً لِعِلّةٍ کانت و طرأ العنوان الثانوی –إذ الحکم بالعنوان الأولی هو الجواز فی کل موضع لم یرد فیه نهی من الشریعة–.
والتحدید على نوعین:
الأول: أنّ التحدید فردیٌّ بأن طرأ على فردٍ خاصٍّ إشکالٌ، کأنّ کثرة الأولاد توجب إشکالاً وعویصةً لذلک الفرد.
الثانی: أنّه تحدیدٌ وتوقیفٌ لنسل الأمة وینجرّ ذلک إلى انقراض النسل.
فحکم الثانی واضحٌ لحرمة ما یوجب الخطر على الأمة؛ ومن أعظم الخطرات هو انقراض نسل المؤمنین الموجب لنزول الاقتدار والشوكة وسقوطها عن العزة والاعتبار.
وأما الأول، فإن ذلك تحديدٌ فرديٌّ، والحكم فيه الجواز، إلا أن يثبت النهي مع حكمٍ للفرد؛ فحكمه للفرد ولا يوجب إضراراً وإشكالاً للاجتماع، فلـكلِّ أحدٍ التدبير في أمر دنياه ودينه. فربما يكون التحديد لفرد خاص لازماً و للفرد الآخر حراماً.
وقد استُدلَّ على النهي بوجوه:
منها: أنَّ الكتاب و السنة يدلان على تکثیر النسْل و التَّقليل فيه.
وفيه ما لا يخفى؛ لأنَّ وجوب التكثير له علة خاصة، كما أن التقليل كذلك. ومن البَدیهِيِّ أنَّه فرق واضح بين الحكم بنفسه، وبين الحكم لأجل طروِّ عنوان آخر – كطروِّ العنوان الثانوي – فما دام لم يأتِ في المقام العنوان الثانوي فالحكم فيه الجواز. ولو فُرض أنَّ التحديد في الفرد ينجرُّ إلى تحديد النسل، فالحكم بالحُرمة واضح، فلزم مراعاة ذلك.
ومنها: أنه ذهب بعض الفقهاء إلى المنع منطلقا من أنَّ فيه صرف السيل عن واديه – مع حاجة الطبيعية.
وفيه ما لا يخفى؛ لأن المفروض أن ذلك تحديد فردي من دون أثر خاص للاجتماع، ولم يتحقق فيه عنوان ثانوي من طروِّ الخطر على الأمة، وقد مرَّ أن الحكم فيه الجواز وعدم المنع إلا أن يثبت.
فبما ذكرناه أيضاً يظهر أن تحديد نسل الأمة إلى حدٍّ معين غير جائز؛ لأن ذلك يوجب انقراض النسل في عمود الزمان، والعقل والشرع يحكمان بعدم الجواز.
وإذا عرفتَ ذلك، فاعلم أنه إذا كانت كثرة الأولاد توجب الإشكال والعُسر والحَرَج للوالدين، بل لاجتماع المسلمين، وكذا إذا كان في مورد خاص ان الأولاد في نفسها توجب الإشكال، فما هو حكم العزل في هذه الصورة؟ فالمستفاد من الروايات هو الجواز بالعنوان الأولي، إلا أن يعرض في المقام أمرٌ يُغيِّر الحكم من الجواز إلى حكم آخر من الكراهة أو الحرمة.
ولأجل عدم طرو الإشكال في الاجتماع والنظام وعدم العسر والحَرَج، لزم الدقة والمراعاة في المواليد. فإذا كان تكثير الأولاد إشكالاً، لزم الذهاب إلى التقليل، وله طرق منها العزل:
منها: صحيحة محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله-عليه السلام-عن العزل؟ فقال: «ذاك إلى الرجل يصرفه حيث شاء[1] ».
والمُصَرَّح فيه هو الجواز؛ لأن قوله-عليه السلام- «يصرفه حيث يشاء» تصريح بالجواز.
وكذا ما عن موثقة عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله-عليه السلام-عن العزل؟ فقال: «ذاك إلى الرجل».
والمعنى واضح، مضافاً إلى أن في الرواية إطلاقاً لا ينحصر جواز العزل بما إذا كانت الكثرة توجب المشكلة، بل يصح الأخذ بها فيمن لا يكون له ولد ولا يطلبه.
ومنها: ما عن محمد بن مسلم ،عن أحدهما -عليهماالسلام- انه سئل عن العزل؟ فقال : اما الامة فلا بأس ، وأمّا الحرّة فاني أكره ذلك الا ان يشترط عليها حين يتزوجها[2] .
استفادة الجواز واضحة؛ لأن التعبير بقوله «أكره» دليل على عدم الحرمة.
ومنها: ما في خبر الجعفي قال: سمعت أبا الحسن-عليه الصلوة و السلام- يقول: «لا بأس بالعزل في ستة وجوه: المرأة التي تيقنت أنها لا تلد، والمسنَّة، والمرأة السليطة، والبَذِيَّة، والمرأة التي لا تُرضع ولدها، والأمة[3] ».