« فهرست دروس
درس خارج فقه الأستاذ السيد رحيم التوکّل

1404/10/02

بسم الله الرحمن الرحیم

فی مطلوبیة تکثیر الموالید/فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /المسائل المستحدثه

موضوع: المسائل المستحدثه/فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /فی مطلوبیة تکثیر الموالید

ورابعاً: أنه يمكن أن يكون مفاد هذه الرواية إثبات حكم لمصداق من المصاديق، بأن الإضرار على الغير ممنوع في الشريعة، فيمكن أن يكون حراماً في الضرر على النفس أيضاً.

وخامساً: أن تقیید الإطلاق أو تخصيص العموم يحتاج إلى دليل متين، فلا يصح تقیید الأحكام بمثل هذه الرواية؛ لاحتمال أن المستفاد من هذه الرواية هو الحكم بمصداق من دون نظر إلى مصداق آخر، واحتمال ذلك يكفينا في عدم جواز التمسك بهذه الرواية و القول بجواز الضرر على النفس.

وسادساً: أن الحكم طرأ على عنوان الضرر والإضرار، فإذا وُجِد في الخارج هذا العنوان للزم ترتب الحكم على موضوعه.

مع ان هذين العنوانين أمران عرفيان، وليس للشارع الأقدس تأسيس في معناهما مع وجود الإطلاق وعدم التقييد في الروايات، سواء كان الضرر لنفسه أو لغيره؛ لأن الحكم طرأ على الموضوع، وحيث وُجِد الموضوع كان الحكم طارئاً عليه.

ولا بأس بذكر رواية استدلَّ النبي -صلى الله عليه وآله- بها على نفي الضرر والإضرار في الشريعة:

فعن علي بن محمد بن بندار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن عبد الله بن مسكان، عن زرارة، عن أبي جعفر-عليه الصلوة و السلام- قال: «إنَّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، فكان يمرُّ به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلَّمه الأنصاريُّ أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة، فلمَّا تأبَّى جاء الأنصاريُّ إلى رسول الله-صلى الله عليه وآله-، فشكا إليه وخبَّره الخبر، فأرسل إليه رسول الله-صلى الله عليه وآله- وخبَّره بقول الأنصاري وما شكى، وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلمَّا أبى ساومَه حتى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال له: لك بها عذقٌ يُمدُّ لك في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وآله-: إنك رجل مُضارٌّ، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن. قال: ثمَّ أمر بها فقُلِعَت ورُمِيَ بها إليه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وآله-: انطلق فاغرسها حيث شئت[1] ».

ومفاد هذه الرواية واضح، أن الإضرار منفيٌّ في الشريعة، وهو المصرح فيه، وليس فيها تقیید أو تخصيص مع بيان حكم الضرر أيضاً. فالضرر أو الإضرار موضوعان، فإذا وُجِد أحدهما أو كلاهما في الخارج للزم ترتب الحكم عليه من عدم الجواز. ولكن المشكل هو السند؛ لأن قوله “عن بعض أصحابنا” يوجب الضعف في السند، فلا يصح الاستناد إلى حكم بمفاد هذه الرواية.

والبحث في مفاد “لا ضرر ولا ضرار” موكول إلى محله، وما نذكره هنا كان على وجه الإجمال.

ولا يخفى عليك أن الضرر في الإسلام منفي، والتعقيم على وجه الدائم بحيث لا يمكن الرجوع إلى الحالة السابقة ممنوع، إلا أن يعرض على المورد أمر أهم، كما إذا كان الفرد في مشكل لا يمكن أن يتحملها، فالقاعدة تحكم بأن اللازم هو الأخذ بالأهم في هذا الظرف الذي ابتلي به، فالمهم هو التوجه بما ابتلي به الآن، والأخذ بالأهم مقابل المهم، وكان هذا المهم أهم بالنسبة إلى حالته السابقة.

 


[1] : وسائل الشیعه، محمد بن حسن الحر العاملی، ج25 ص428، الناشر موسسه اهل البیت علیهم السلام لاحیاء التراث.
logo