1404/08/07
بسم الله الرحمن الرحیم
فی مطلوبیة تکثیر النسل/فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /مستحدثه
موضوع: مستحدثه /فی تحدید النسل و تقلیل الموالید /فی مطلوبیة تکثیر النسل
و لو فُرِضَ الإجمال فی مفاد روایة، لکان الأصل العملی جاریاً فی المقام، و الأصل هو الجواز و البراءة، لأنّ النهی یحتاج إلی دلیل و هو مفقود فی المقام، وعلیه فإنّ التمسّک ببعض الروایات و الحکم بأنَّ مفادها علی وجه العموم غیر صحیح.
مضافاً إلی أنَّ فی الکتاب الشریف عُبِّر عن الأولاد بـ «العدوّ» و «الفتنة»:
فی قوله تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ[1] ﴾.
و کذا قوله تعالی: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ[2] ﴾.
و من الواضح أنَّ کلمة «مِن» للتبعیض، فلا یصحّ الحکم بأنَّ الأولاد فتنة أو عدوّ فی جمیع الصور، أو کان معیّناً فی جمیع الصور.
و لذا فإنَّ الحُکم فی صورة یمکن أن یکون جائزاً أو مستحباً، بل یکون واجباً، و فی بعض الصور یکون حراماً أو مکروهاً، و لذا فرقٌ واضحٌ بین الحکم فی موضوع بالنظر إلی نفسه، و بین الحکم فی ذلک الموضوع بالنسبة إلی الموانع أو الشرائط الآتیة.
و أیضاً إنَّ المستفاد من بعض الآیات الشریفة أنَّ الأولاد و تکثیرها محبوبة فی الشریعة فی نفسها، إلاّ أن یعرض علیها موانع أو شرائط أُخر، و أنَّ الله تبارک و تعالی عبّر عن ذلک بـ «الإمداد» کقوله: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[3] ﴾.
و لایذهب علیک أولاً: إنَّ المستفاد من الآیات الشریفة أنَّ الإشکال لیس فی نفس تکثیر الأولاد، بل یکون لأجل المانع الطارئ علیه.
ثانياً: إنّ الله تعالى عبّر عن التکثیر بالإمداد کقوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا[4] ﴾
ثالثاً: إنّه مع قطع النظر عمّا ورد من البرکات على کثرة الأولاد، یُفهَمُ أنّ الإشکال لیس فی نفس کثرة الأولاد، بل یکون لأمرٍ آخر؛ إذ لا یُعقَلُ کونُ کثرة الأولاد مذمومةً فی الشریعة، وقد وردت روایات تدلّ على أنّ کثرة الأولاد محبوبةٌ لوجود عنایاتٍ منها تثقیل الأرض بتسبیحهم والمُباهات بها یوم القیامة.
و رابعاً : إنّ قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ کان فی نفس الآیة الشریفة قرینةً على ما نحن بصدده؛ لأنّ الله تعالى قال: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾، فهذا إشارةٌ بل تصریحٌ بأمرین:
الأول: وجود الفتنة فی الأموال والأولاد، والمراد من الفتنة هو الابتلاء، والابتلاء سُلَّمٌ فی الصعود إلى المقامات المعنویة.
الثانی: إنّ قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ تدل على أنّ نفس الأموال والأولاد لیس مذمومًا، بل الاستفادة منهما على غیر طریق الشرع ممنوع، فلزِم الاستفادة منهما فی مسیر الحق کما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[5] ﴾.
خامساً: إنّه بما ذکرناه یظهر أنّ الحذر عن الأولاد والتعبیر بالعدوّ فی حقّهم لایَرتبط بکثرة الأولاد، بل یرتبط بعدم التأمل فی أفعالهم وعدم التربیة لأخلاقهم، وقد رُوي أنّه یأتی على الناس زمان « إذا لم تنل المعيشة إلّا بمعاصي الله ، فعند ذلك حلت العزوبة « [6] .
سادساً: إنّه لا بأس بذکر بعض الروایات الدالّة على أنّ تکثیر الأولاد والموالید محبوبٌ فی الشریعة:
منها: خبر محمد بن مسلم عن أبی عبد الله (ع) قال رسول الله 9«أکثروا الولد أُکاثر بکم الأمم غدًا[7] ».
ومنها: ما رُوي أنّ من مات بلا خلف فکأنّه لم یکن فی الناس، ومن مات وله خلفٌ فکأنّه لم یمت[8] .
ومنها خبر الصدوق قال أبو الحسن (ع): «إنّ الله إذا أراد بعبدٍ خیرًا لم یمته حتى يُرِيَهُ الْخَلَفَ [9] ».