الثاني: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد وتطهيرها - الفرع الرابع: هل يوجد الفرق بين النجاسة المتعدية وغيرها؟ - (تتمة الفرع)/الباب الخامس: أحكام المساجد /فقهالمسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)

الموضوع: فقهالمسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الخامس: أحكام المساجد /الثاني: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد وتطهيرها - الفرع الرابع: هل يوجد الفرق بين النجاسة المتعدية وغيرها؟ - (تتمة الفرع)
كما قلنا في الدرس الماضي أن المشهور يقول بعدم الفرق بين النجاستين المتعدية وغيرها؛ كما نسب الى المشهور المحقق السبزواري في كفاية الفقه وقد ذكرناه آنفا.
وفي مفتاح الكرامة نقلا عن السرائر والخلاف ادعاء الاجماع على العموم.
يقول: «وفی السرائر الإجماع علی منع إدخال النجاسة المسجد وظاهره العموم. وفي الخلاف الإجماع علی لزوم تجنّب المساجد النجاسة»[1] .
وفي مقابل المشهور ذهب اكثر متاخري المتاخرين الى التفصيل بين النجاسة المتعدية وغيرها في حكم الازالة.
أشار الى ذلك الخلاف الموجود صاحب الجواهر بعد التعرض لقول المشهور وقال:
«خلافا للشهيدين في الذكرى والدروس والمسالك وأبي العباس في موجزه، والكركي في جامعه، وغيرهم من متأخري المتأخرين، فخصوا المنع بالملوثة»[2] .
وأما الاستدلال على التفصيل وعدمه:
قد استدل على الاطلاق وشمول الحكم للمتنجس باطلاق الاجماع وهو غير مقبول لأنه من الواضح أن الاجماع دليل لبي وفي فرض الاطلاق لابد من التمسك بالقدر المتيقن وهو النجاسة المنجسة فقط.
واستدل أيضا بآية نجاسة المشرك والنهي عن قربه للمسجد.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ...[3] .
وكيفية الاستدلال عبارة عن النهي الوارد في الآية المباركة عن قرب المشرك في المسجد اي دخولهم المسجد؛ وان لم يكن المشرك منجسا في فرض دخوله ولم يكن رطبا.
فالنهي مطلق ويشمل المتعدية وغير المتعدية.
ففيه اشكال أولا من جهة اختصاص الحكم في الآية بالمسجد الحرام وتعديه الى ساير المساجد يحتاج الى تنقيح المناط والقاء الخصوصية.
وهذا يمكن من جهة اشتراك المساجد في حكم اجتناب النجس.
ولكنه لايشمل سائر النجاسات لأنها مختصة بالمشرك فقط وكذلك لا يشمل المتنجس لأن المشرك من الأعيان النجسة وليس متنجسا.
واستدل أيضا بأن دخول النجاسة المتعدية وغير المتعدية في المسجد يوجب هتكا لحرمة المسجد ولافرق في الهتك بين المتعدية وغيرها.
وفيه اشكال من جهة أن الهتك خارج عن البحث الذي نحن بصدده؛ لأن الهتك في أي صورة كانت فهو محرم ولايجوز بلاشك. ولكن البحث هنا في فرض عدم الهتك وهو خلافه.
وهذا هو الذي اشار اليه صاحب الجواهر ورده المحقق الهمداني في مصباح الفقيه واليكم نص كلامهما.
قال صاحب الجواهر:
«فلا ريب أن الأول أحوط إن لم يكن أقوى، خصوصا فيما ظهر فيه انهتاك الحرمة ومنافاة التعظيم، كوضع العذرات الكثيرة فيها ونحوها، بل لو قيل بدوران الحرمة على التعدية وعلى هتك الحرمة عرفا لكان متجها إن لم يكن خرقا للإجماع»[4] .
وقال المحقق الهمداني ردا على ما قاله صاحب الجواهر:
«وكيف كان فالأظهر ما ذهب إليه كثير من المتأخّرين ، بل لعلّه هو المشهور بينهم من جواز إدخال النجاسة الغير المتعدّية إلى المسجد.
وربما قيّده بعضهم بما إذا لم يكن موجبا لهتك حرمة المسجد ، كجمع العذرة اليابسة فيه.
وفيه: أنّ هذا التقييد أجنبيّ عن المقام، فإنّه إن كان هتك حرمة المسجد حراما، فلا يتفاوت الحال بين أن يتحقّق هذا العنوان بجمع العذرة فيه أو غيرها من القذارات الصوريّة الموجبة لهتك حرمة المسجد في أنظار العرف.
ويدلّ على الجواز ـ مضافا إلى الأصل ـ الأخبار الدالّة على جواز مرور الحائض والجنب مجتازين في المساجد»[5] .
بناء على ذلك أنه لم نعثر على دليل يدل على شمول حكم وجوب الازالة ووجوب الاخراج للنجاسة الغير المتعدية؛ بل الأدلة التي اعتمدنا عليها سابقا في حكك وجوب الازالة انما هي تختص بالنجاسة المتعدية فقط.
وعلى هذا قامت السيرة المتشرعة.
وأما لو شككنا في وجوب الازالة عن النجاسة الغير المتعدية فمحل جريان أصل البرائة، لأنه شك في أصل التكليف. وهو مجري أصالة البرائة.
نعم لو فرض سببية الهتك للمسجد بادخال الغير المتعدية لاشمك في عدم جواز دخوله بل حرام قطعا ولكن كلامن هنا في فرض عدم الهتك.
فادخال النجاسة الغير المتعدية في المسجد فليس بحرام ولايجب ازالتها عن المسجد وان وجوب الازالة يختص بالمتعدية فقط.