« فهرست دروس

استاد سيدابوالفضل طباطبایی

درس فقه

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الفرع الثالث: شرف المساجد (الأدلة على القول بالكراهة)/الباب الثالث: هندسة المسجد - سقف المسجد (فروع ثلاثة) /فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)

 

الموضوع: فقه‌المسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الثالث: هندسة المسجد - سقف المسجد (فروع ثلاثة) /الفرع الثالث: شرف المساجد (الأدلة على القول بالكراهة)

 

كما قلنا في الدرس الماضي أن المشهور من الفقهاء قالوا بكراهة جعل الشرف للمساجد، وعدد قليل منهم قالوا بتحريمها كماعن الشيخ الطوسي وهو ضعيف.

وأما في مقام الأدلة قد ذكر الفقهاء عدة روايات:

منها خبر طلحة بن زيد الذي رواه الشيخان الصدوق في كتابيه (الفقيه والعلل) والطوسي في التهذيب:

أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَزَّازِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: «أَنَّ عَلِيّاً رَأَى مَسْجِداً بِالْكُوفَةِ قَدْ شُرِّفَ فَقَالَ: كَأَنَّهَا بِيعَةٌ. وَقَالَ: إِنَّ الْمَسَاجِدَ لَا تُشَرَّفُ تُبْنَى جَمّاً»[1] .

نعم يظهر من خبر طلحة بن زيد أن الشرف لايناسب المساجد، لأن الامام بعد أن راى مسجدا قد شرف بدأ بالحديث حول ذمه وتقبيحه، لأنه تحدث عن شبهه ببيعة اليهود؛ ولاشك في أن تشبيه المسجد بالبيعة في حال كونه مشرفا يدل على أن التشريف لا يناسب المسجد، بل يناسب بعض معابد غير المسلمين.

لان المسجد قد بني على هوية اسلامية مستقلة ولابد أن لايكون شبيها بساير المعابد.

وهذا ديدن الاسلام في جميع الموارد ولذلك يوكد على استقلالية هوية الاسلام وثقافة الاسلام مثل ما تأكد عليه في موضوع القبلة واللباس وغيرهما.

ثم الامام قد نهي في ذيل الحديث عن تشريف المساجد.

نعم قد يستفاد من الحديث أن هذا أي التشبيه بالبيعة هو السر في الحكم بالكراهة أو احدى الحكم المكنونة فيها، لأنه في الحقيقة أن جعل الشرف يسبب تشبيه المسجد بالبيعة وخروجه عن هوية المسجد الاسلامي.

بعبارة أخرى: أن في خبر طلحة اشارة الى بعد من هوية المسجد الاسلامي؛ يعني أن المسجد في الحقيقة عبارة عن علامة للحضارة الاسلامية الأصيلة وهي لابد من كونه علامة واضحة ترشد وتهدي كل من نظر اليها الى معرفة هذا المكان بعنوان مكان اسلامي مستقلة وهو غير معابد الهندوس واليهود والزردشت والمسحييين وغيرهم. وهذا ضابطة وقانون في هندسة المسجد من منظار الاسلام الاصيل.

لذلك أمر في الخبر ببناء المساجد بشكل وصورة تحكي للناظر في أول وهلة أن مسجد من مساجد المسلمين.

وهذه الضابطة تدل على الفارق بين المساجد والمدائن كما أشار اليه في بعض النصوص الواردة في مصادر العامة.

عن رسول الله: «ابْنُوا مَساجِدَكُمْ جمّاً وَابْنُوا مَدائِنَكُم مُشْرِفَةً»[2] .

وفي نقل آخر عن عبد الله بن شقيق قال: «كَانَتِ الْمَسَاجِدُ تُبْنَى جُمًّا، وَكَانَتِ الْمَدَائِنُ تُشَرَّفُ»[3] .

السيوطي في الخصائص ذكر عن ابن ماجة في سننه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله:

«أَرَاكُمْ سَتُشَرِّفُونَ مَسَاجِدَكُمْ بَعْدِي، كَمَا شَرَّفَتِ الْيَهُودُ كَنَائِسَهَا، وَكَمَا شَرَّفَتِ النَّصَارَى بِيَعَهَا»[4] .

بناء على ما استفدنا من خبر طلحة وساير روايات العامة أنه ينبغي كون بناء المساجد بصورة متميزة اسلامية كي تعرف باسلاميتها وتحكي للناس شخصية اسلامية ولاتحكي شخصية يهودية ومسيحية وغيرهما.


logo