الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي
بحث الفقه
45/03/15
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول: أرض المسجد؛ النقطة الرابعة/الباب الثالث: هندسة المسجد /فقهالمسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)
موضوع: فقهالمسجد (مسجد طراز انقلاب اسلامي)/الباب الثالث: هندسة المسجد /الجزء الأول: أرض المسجد؛ النقطة الرابعة
قد بينا ثلاث نقاط في اتخاذ الأرض لبناء المسجد؛ وأما النقطة الرابعة:
4 - أن تكون بقرب بيوت أفراد المجتمع وليس بعيدا عنها
من الأمور التي لابد من مراعاتها في بناء المسجد واتخاذ الأرض أن تكون بقرب من بيوت أعضاء المجتمع أي بيوت المسلمين وليس بعيدا عنها.
لأن أفراد المجتمع مكلفون بالحضور والارتباط في المسجد وأما لو كان بعيدا عنهم فكيف يستطيع الشعب المسلم للحضور فيه والتواصل معه؟
ويدل عليه ما ورد في الأحاديث من فضل المشي الى المسجد كما رواه زَيْدٌ النَّرْسِيُّ فِي أَصْلِهِ[1] ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ شَدِيدَةِ الظُّلْمَةِ وَهُوَ يَمْشِي إِلَى الْمَسْجِدِ وَإِنِّي أَسْرَعْتُ، فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «بَشِّرِ الْمَشَّاءِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ بِنُورٍ سَاطِعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[2] ؛
وكيفية الاستدلال بها أن أفضلية المشي الى المسجد بالنسبة الى الجميع من دون تقييد يستلزم أن يكون قريبا ببيوت الناس كي يستطيع الجميع للمشي اليه.
الجزء الثاني: سقف المسجد
مما ينبغي الحديث حوله في هندسة المسجد عبارة عن سقف المسجد؛ وجعله له وجوبا أو جوازا أواستحبابا او غيرها.
قد تعرض الفقهاء في باب بناء المسجد لمسألة سثق المسجد وقال المشهور باستحباب كون المساجد مكشفة وبدون السقف الا مع الحاجة والضرورة.
قال الشيخ الطوسي في المبسوط:
«بناء المساجد فيه فضل كثير وثواب جزيل ... ويكره أن تكون مظللة ويستحب أن تكون مكشوفة»[3] .
ونسبه البعض الى المشهور كما ورد في رياض المسائل:
«و(يستحب أن تكون المساجد) المتخذة (مكشوفة) غير مظللة على المشهور»[4] .
والدليل الذي ذكره الفقهاء واستند القول اليه عبارة عن التأسي بسيرة النبي وفعله في بناء مسجده بالمدينة.
محمد بن يعقوب الكليني:
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ[5] ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَنَى مَسْجِدَهُ بِالسَّمِيطِ[6] ، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَثُرُوا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَزِيدَ فِيهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَزِيدَ فِيهِ وَبَنَاهُ بِالسَّعِيدَةِ[7] ، ثُمَّ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَثُرُوا؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَزِيدَ فِيهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَزِيدَ فِيهِ وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْأُنْثَى وَالذَّكَرِ، ثُمَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحَرُّ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَظُلِّلَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُقِيمَتْ فِيهِ سَوَارٍ مِنْ جُذُوعِ النَّخْلِ ثُمَّ طُرِحَتْ عَلَيْهِ الْعَوَارِضُ وَالْخَصَفُ وَالْإِذْخِرُ فَعَاشُوا فِيهِ حَتَّى أَصَابَتْهُمُ الْأَمْطَارُ فَجَعَلَ الْمَسْجِدُ يَكِفُ عَلَيْهِمْ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَمَرْتَ بِالْمَسْجِدِ فَطُيِّنَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ: لَا عَرِيشٌ كَعَرِيشِ مُوسَى فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ جِدَارُهُ قَبْلَ أَنْ يُظَلَّلَ قَامَةً فَكَانَ إِذَا كَانَ الْفَيْءُ ذِرَاعاً وَهُوَ قَدْرُ مَرْبِضِ عَنْزٍ صَلَّى الظُّهْرَ وَإِذَا كَانَ ضِعْفَ ذَلِكَ صَلَّى الْعَصْرَ وَقَالَ (راوی) السَّمِيطُ (لَبِنَةٌ لَبِنَةٌ) وَالسَّعِيدَةُ (لَبِنَةٌ وَنِصْفٌ) وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (لَبِنَتَانِ مُخَالِفَتَانِ)»[8] .
«أراد بالسَّميط: لبنة لبنة، كما جاءت به الرواية، وكذلك يستفاد من اللغة، لأنّ فيها: الآجُرّ القائم بعضُه فوق بعض، وبالسعيدة لبنة ونصف، وبالانثى والذكر لبنتان متخالفتان»[9] .