« فهرست دروس
الأستاذ السيد احمد الصافي
الأصول

47/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة/استصحاب الامور التدريجية /الأصول العملية

الموضوع: الأصول العملية/استصحاب الامور التدريجية /مقدمة

تقدّم الكلامُ في ما أفاده الشيخُ الوحيد(دام ظلّه) من مناقشة رأي أستاذه السيّد الخوئي(قده)، حيث إنّه وافق الفاضل التونيَّ في عدمِ التمسّك باستصحابِ عدمِ التذكية لإثباتِ النجاسة؛ إمّا لكونِ موضوعِ النجاسة هو الميتة، وهي أمرٌ وجوديٌّ لا يَثبتُ باستصحابِ عدمِ التذكية، وإمّا للشكّ في حقيقة الميتة: وهل هي أمرٌ وجوديّ—كما لو كانت عبارةً عن زهاقِ النفس المستندِ إلى سببٍ غيرِ شرعي—أو أمرٌ عدميّ كما لو كانت عبارةً عمّا مات ولم يَستند موته إلى السبب الشرعي؟ وعند الشكّ لا يجري استصحابُ عدمِ التذكية لإثباتِ الميتة لاحتمالِ كونها عنواناً وجودياً لا يثبتُ بالأصل، ويكفي هذا الاحتمالُ لعدمِ ترتّب الأثر.

بل لو فُرض جريانُ أصالةِ عدمِ التذكية لإثباتِ الميتة، لعارضَها استصحابُ عدمِ موته بسببٍ غيرِ شرعي لإثباتِ تذكيته.

لكن الشيخ الوحيد(دام ظلّه) أفاد بأنّ النوبة لا تصل إلى مرحلة الشك؛ بعد الرجوع إلى الروايات في المقام حيث يظهر منها أنّ الشارع المقدّس رتّب الحكم على عدم التذكية، لا على العنوان الوجودي . فالمهم عند الشارع أنّ الشيء غير مذكى، وهذا العنوان هو بنفسه عنوان الميتة في لسان الأدلّة، وبذلك نكون قد أغنينا عن البحث في حقيقة الميتة بأيّ نحوٍ تُتصوّر، لكون المعيار الشرعي هو عدم التذكية لا غير.

يبقى الكلام الآن في أصل المدّعى: وهل توجد فعلاً روايات تدلّ على أنّ الشارع رتّب أحكام الميتة على عدم التذكية؟ قال (دام ظلّه):

"والدليل على ذلك طائفتان من الروايات تامّتا السند والدلالة. أمّا الطائفة الأولى فهي موثقة سماعة، وفيها: (… قال: إذا رميتَ وسميتَ فانتفع بجلده، وأما الميتة فلا)."([1] )([2] ).

وبيان المفاد: إنّ المراد من السباع في الرواية ليس خصوص الأسد، بل مطلق ما يفترس اللحم من الحيوانات، بل ومن الطيور أيضاً، كالنسور والصقور ونحوها. وأمّا الجلود فهي الجلود البرّية: كجلد النمر والضبع والأسد.

فسؤال الراوي للإمام(عليه السلام): أينتفع بهذه الجلود؟فأجاب(عليه السلام):

"إذا رميتَ وسميتَ فانتفع بجلده، وأما الميتة فلا."

ومن الواضح أنّ التسمية والرمي إنّما تقعان على الحيوان الوحشي، لأنّ تذكيته تكون عبر الإعاقة اوالصيد: إمّا بالرمي أو بكلاب الصيد. وهذا بخلاف الحيوان الأهلي، فإنّ الرمي لا يذكّيه بل يجعله ميتة، لعدم تحقّق شروط التذكية الشرعية فيه. وأمّا الحيوان الوحشي ـ كالغزال مثلاً ـ فتذكيته إمّا بالرمي أو بالكلاب، لكونه غير قابل للأسر والتذكية اليدوية المعتادة.

والمبحوث عنه في الرواية هو: مطلق الانتفاع بالجلود، لا خصوص اللباس في الصلاة. فبعض هذه الجلود لها منفعة في حفظ الحبوب - كوعاء - أو في اللباس شتاءً، فالسؤال عن شرعية الانتفاع مطلقاً.

وقد يُستفاد مثلاً، أنّ الغزال لو ذكّي بهذه الطريقة حلّ لحمه وطَهُر جلده، بخلاف باقي السباع، فإنّ التذكية تطهّر جلدها ولحمها ولكن لا تجوّز أكلها، وإنّما الكلام في أصل الانتفاع.

ثم نأتي إلى نقطة الاستفادة الأصولية: وهي المقابلة المأخوذة في الرواية. فإنّ الإمام(عليه السلام) لمّا قال: "إذا رميتَ وسميتَ فانتفع بجلده"، ثم عقّب بقوله: "وأما الميتة فلا"، جعل عنوان الميتة في مقابل الرمي والتسمية، وهما نفس التذكية للحيوانات الوحشية. فمقابل التذكية في لسان الإمام(عليه السلام) هو الميتة، من دون إنشاء شقّ ثالث بينهما.

وعليه، استظهر الشيخ الوحيد(دام ظلّه) أنّ الرواية جعلت عدم التذكية عين عنوان الميتة، لا أنّ الميتة أمر آخر وراء عدم التذكية. وهذا ما يدلّ على أنّ الشارع رتّب الأثر على عدم التذكية.

ولذلك قال(دام ظلّه): "فمدلولُ الرواية أنّ الانتفاع وعدمه يدوران مدار التذكية وعدمها، وأنّ الرميَ والتسمية ليسا شيئاً وراء حقيقة التذكية، وقد جُعِلَتِ الميتةُ في قبال المذكى، وهي التي لم يُسمَّ عليها ولم تُرمَ؛ أي لم يَجْرِ عليها سببٌ شرعي. ولا يخفى أنّه لا خصوصيةَ للصيد في ذلك؛ فالميتةُ ـ إذن ـ هي غيرُ المذكى. وقد استدلّ بهذه الرواية الشيخُ الأعظم، واستدلالُه بها في غاية المتانة."

ومفادُ كلامه(دام ظلّه): أنّ الشيخ الأعظم(قده) احتجَّ ـ في عدّ غير المذكى ميتة في ضمن كلامه ـ بهذه الرواية الشريفة أيضاً، والتي عبّر عنها بروايات الصيد.

ثمّ قرّر الشيخ الوحيد(دام ظلّه) مطلبين:

المطلب الأول: أنّ المستفاد من الرواية أنّ الميتة هي غير المذكى، وذلك بمقتضى المقابلة المصرّح بها بين العنوانين في لسان الإمام(عليه السلام)، وهو المطلوب في محلّ البحث.

المطلب الثاني: أنّ خصوصية الصيد غير ملحوظة في أصل الدلالة؛ إذ ليس التعبير الوارد في الرواية ناظراً إلى خصوص باب الصيد، وإنّما جاء السؤال في مورده فحسب. وبذلك تعمّ دلالةُ المقابلة كلَّ حيوانٍ مذكى وغير مذكى، فنستفيد أنّ غير المذكى هو الميتة في عموم موارد التذكية.

وهذا كلّه في موثقة سماعة.

ثم جاء(دام ظلّه) إلى معتبرة الحلبي، وهي من الطائفة الثانية؛ وهي روايات معتبرة واردة في اختلاط الميتة بالمذكى. فقال(دام ظلّه): "قال: سمعتُ أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إذا اختلط الذكيّ بالميت (والميتة) باعه ممّن يستحلّ الميتة وأكل ثمنه."([3] ) وهذه المعتبرة وردت في الكافي ضمن باب اختلاط الميتة بالمذكى، وفيه ـ لعلّها ـ روايتان، وتليهما بلا فاصل روايةٌ للبزنطي، يُستفاد من نفس السؤال فيها ما

سيأتي بيانه.

فمدلول هذه الرواية: أنّه إذا اختلط المذكى بغيره، فإنّ التعبير الوارد: "الذكيّ والميت" يدلّ على أنّ كلّ ما يقابل الذكي هو الميتة. فالقسمان هما: ذكي و ميتة لا غير.

ثم أردف(دام ظلّه) قائلاً: "ولا شقَّ ثالث لهما، فكلّ ما يقابل الذكيّ ميتة."

ثم عندنا روايةٌ أخرى في الكافي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، فالسند في غاية الاعتبار، عن أبي عبد الله(عليه السلام):"أنّه سُئل عن رجلٍ كان له غنمٌ وبقر، فكان يُدرك الذكيَّ منها فيعزله ويعزل الميتة، ثم إنّ الميتة والذكي اختلطا، كيف يصنع به؟ قال: يبيعه ممّن يستحلّ الميتة، ويأكل ثمنه، فإنّه لا بأس به."([4] )

فهذه هي الروايات الشريفة التي أشار اليها الشيخ(قده)، وهي تدلّ ـ كما ذكر الشيخ الوحيد(دام ظلّه) ـ دلالةً واضحة على أنّ المقابلة في النصوص بين الذكي والميتة، ولا وجود لشقٍّ ثالث بينهما. فكلُّ ميتةٍ هي غير المذكى، وهذا لا ينافي موت

الحيوان حتفَ أنفه؛ وإنّما يحدّد مصداق الميتة في لسان الشارع.

وعليه، اختار الشيخ الوحيد قولَ المشهور، مستفيداً من هذه الروايات أنّ المراد من الميتة هو غير المذكى بمقتضى المقابلة الواردة فيها.

وهناك مباحث أخرى تعرّض لها السيّد السيستاني(دام ظلّه) وشيخُنا الأستاذ(سلّمه الله)، فمن شاء فليراجعها؛ لكونها مباحث مطوّلة ولا تخلو من فائدة.

النتيجة: قد انتهينا ـ بناءً على رأي المشهور ـ إلى أنّ المذكى معلوم الحال، وكذلك الميتة؛ إذ إنّ المشهور يرون أنّ غير المذكى يشمل الميتة، وأنّ الميتة ليست قسيماً ثالثاً، بل هي عين غير المذكى. فالقسمان هما: مذكى و غير مذكى، وتدخل تحت عنوان غير المذكى جميع أفراد فاقدِ التذكية. وبالنتيجة يمكن جعل هذا العنوان موضوعاً لأصلٍ عدمي، فيُستصحب عدم التذكية لإثبات الحرمة والنجاسة. فهذا هو الحاصل من التنبيه الأوّل الذي عقده الشيخ في بيان أقسام استصحاب الكلّي. نعم، ثمّة قسمٌ رابع تفرد ببحثه السيّد الخوئي(قده)، ويمكن مراجعة كلماته فيه.

وعليه، فالمستفاد ممّا تقدّم: أنّ القسم الأوّل من استصحاب الكلّي يجري فيه

الاستصحاب مطلقاً، وكذلك القسم الثاني على رأي الشيخ الأعظم وأكثر الأعلام، باستثناء صورة الفرد المردّد. أمّا القسم الثالث فقد قُسّم إلى قسمين: أحدهما يجري فيه الاستصحاب، والآخر لا يجري. والأعلام بعد الشيخ الأعظم ـ في الغالب ـ خالفوه في ذلك، وقالوا: إنّه في القسم الثالث لا يجري الاستصحاب، لأنّ الفرد هو الذي يتحقّق به الكلّي، فإذا ارتفع الفرد امتنع بقاء الكلّي معه. وأمّا الكلّي الجديد المحتمل فهو شكٌّ في الحدوث لا في البقاء.

وهذا تمام ما تقدّم في استصحاب الكلّي ضمن التنبيه الأوّل.

ثم ننتقل الآن إلى التنبيه الثاني ـ على منهج الشيخ الأعظم(قده) ـ وهو استصحاب الأمور التدريجية. وقبل الدخول في تفاصيل هذا الباب، لا بدّ من تمهيد مقدّمة توضّح المراد من هذا العنوان.

إنّ اصطلاح استصحاب الأمور التدريجية، والذي يُعبَّر عنه في بعض المؤلّفات بـ استصحاب الأمور غير القارّة، هما في الحقيقة تعبيران عن معنى واحد؛ فإنّ الأمر التدريجي هو بعينه الأمر غير القارّ.

وقد تقدّم في مباحث الاستصحاب أنّ الأمور الثابتة ـ كوجود زيد، أو عدالة زيد

إذا كانت معلومة ـ تُعدّ من الأمور القارّة، ويكون الشك فيها دائماً راجعاً إلى الاستعدادات والعوارض: هل زالت العدالة أو لم تزل؟ ففي مثل هذه الموارد، وعلى كلٍّ من مسلك المشهور أو مسلك الشيخ الأعظم، يفرض الشكّ دائماً إمّا في المقتضي أو في الرافع؛ فإذا كان الشكّ في الرافع ـ بناءً على مبنى الشيخ الأعظم ـ يجري الاستصحاب، لأنّ الموضوع باقٍ على حاله، واليقين بالحدوث محفوظ، والشك منصبّ على البقاء. وهذه الأمور تُسمّى أموراً قارّة أو مستقرة.

لكن في مقابلها توجد أمور غير قارّة بطبيعتها؛ وهي التي لا يبقى حالها ولا تستقرّ، بل لا يحصل اللاحق إلا بعد انعدام السابق. ومن أوضح أمثلتها: الزمان. فالساعة العاشرة ـ مثلاً ـ لا تتحقق إلا بعد انعدام الدقائق التي قبلها، وهي نفسها تنصرم حتى يأتي ما بعدها. فالزمان بأجزائه المتلاحقة أمر غير قارّ الذات، إذ لا يجتمع جزءان منه في آنٍ واحد، ولا يتحقّق الجزء اللاحق إلا بعد ارتفاع الجزء السابق.

ومثال آخر: الحركة. فإنّ المتحرّك الواصل من النقطة (ألف) إلى النقطة (باء) لا يصل دفعةً، بل عبر خطواتٍ متعاقبة، وكلّ خطوة منها توجد ثم تنعدم، ولا تأتي الخطوة اللاحقة إلا بعد انصرام السابقة. والحركة بما هي حركة عبارة عن هذا

التجدّد والانصرام، فهي أيضاً أمر غير قارّ.

وبعبارةٍ أخرى: الأمور غير القارّة تشمل الزمان و الزمانيّات، أي ما يرتبط بالزمان ويتقوّم به.

وهنا يَرِد السؤال: هل يجري الاستصحاب في هذه الأمور غير القارّة أو لا يجري؟ وذلك من جهة توفر ركني الاستصحاب: اليقين بالحدوث، والشك في البقاء.

ففي الأمور القارّة ـ ككون الكتاب أحمر اللون مثلاً ـ إذا ترتّب أثر شرعي على اللون الأحمر، يكون لدينا يقين سابق بتحقق اللون، وشك لاحق في بقائه، فيجري الاستصحاب.

أمّا في الزمان، فإنّ الدقيقة السابقة قد زالت وانعدمت قطعاً، والدقيقة اللاحقة مشكوك في حدوثها أصلاً؛ فلا يوجد يقين بالحدوث في اللاحق، ولا شكّ في بقاء المتقدم، لأنه قد ارتفع جزماً. فكيف نتصور شكاً في البقاء في شيء نعلم أنّه انعدم، بينما اللاحق مشكوك من جهة الحدوث لا من جهة البقاء؟ الأمر نفسه يجري في الحركة: نحن نعلم يقيناً بحدوث خطوات معينة، ونعلم يقيناً بانقراضها، ونشك في حدوث الخطوات اللاحقة، لا في بقائها. فكيف يجري الاستصحاب مع فقدان

الركنين؟ ولهذا أنكر الأعلام جريان الاستصحاب في الأمور التدريجية.

ولكن عند الرجوع إلى الفتاوى، نجدهم يعملون الاستصحاب في هذه الموارد نفسها، كاستصحاب بقاء الليل في شهر رمضان إلى حين التيقّن بالفجر، واستصحاب بقاء النهار في عدم جواز الإفطار حتى يُعلم غروب الشمس، وأمثال ذلك. فكيف يجمع بين إنكارهم جريان الاستصحاب في الأمور غير القارّة، وبين عملهم الفتوائي بجريان الاستصحاب فيها؟ ومن هنا شرع الشيخ الأعظم(قده) في تحليل هذه المشكلة فقسّم الأمور غير القارّة إلى ثلاثة أقسام:

1- الزمان نفسه.

2- الزمانيات، أي الأمور التي تتقوّم بالزمان.

3- الأمور المتقيّدة بالزمان.

وسيتعرض لكلّ واحد من هذه الأقسام بالبحث لنرى: هل يجري الاستصحاب فيه أو لا يجري؟.

ولذا قال(قده) ـ تحت عنوان جريان الاستصحاب في التدريجيات "إنه قد عُلِمَ من تعريف الاستصحاب وأدلّته أن مورده الشكّ في البقاء، وهو وجودُ ما كان موجوداً في الزمان السابق".([5] )

ويترتّب عليه عدمُ جريان الاستصحاب في نفس الزمان، ولا في الزماني الذي لا استقرار لوجوده، بل يتجدّد شيئاً فشيئاً على التدريج.

ويريد(قده) أن يقرر: أنّ الزمان ليس أمراً ثابتاً ليُتصوَّر فيه الشكّ في البقاء؛ إذ هو بطبيعته غير قارّ، بل منصرم متجدّد، وكذلك الأمر في كلّ مستقرٍّ يُؤخذ الزمان قيداً له؛ فإنّ تقييده بالزمان يجعله تابعاً لطبيعة الزمان في عدم الاستقرار. فمقتضى أدلّة الاستصحاب أن لا تنطبق على الزمان والزماني، ولا على المستقرّ المتقيّد بالزمان، كما لو قيل: "اجلس في الدار إلى الزوال"، أو "ساعتين أو ثلاثاً"؛ فإنّ هذه الأمور غير القارّة مرتبطة بالزمان، فلا يُتصوّر فيها بقاءٌ ليُشكّ فيه.

إلّا أنّ الشيخ الأعظم(قده) عقّب قائلاً: "إلّا أنه يظهر من كلمات جماعةٍ جريانُ

الاستصحاب في الزمان، فيجري في القسمين الأخيرين بطريق أولى، بل تقدّم من

بعض الأخباريين أنّ استصحاب الليل والنهار من الضروريات."

مع أنّ الليل والنهار زمانيان، إلا أنّ المشهور من الفقهاء يستصحبونهما في الفتاوى.

ومن أوضح الشواهد: ما ذكره صاحب الجواهر في بحث مفطرات رمضان، عند الكلام على ما لو أُخبر المكلّف بعدم طلوع الفجر فتناول المفطر قبل المراعاة. قال(قده) "وبأنّ جواز التناول له للاستصحاب لا ينافي ثبوت القضاء عليه."([6] )

فهو يُقرّر صراحةً أنّ جواز الإفطار كان استناداً إلى استصحاب بقاء الليل، وهو أمر ظاهر المفروغية عند الأعلام، إذ يستصحبون الليل والنهار بلا إشكال.

وهنا يُثار الإشكال: كيف نجمع بين قواعد الأصول القاضية بعدم جريان الاستصحاب في الأمور غير القارّة، وبين عمل الفقهاء في الفتاوى على جريان الاستصحاب في الزمانيات؟ وسيُبيّن الشيخ الأعظم(قده) حلّ هذا التعارض، من خلال تقسيمه الأمور غير القارّة إلى ثلاثة أقسام، والبحث في كلّ قسم بحثاً دقيقاً، لرفع هذا الإشكال. وهذا ما سنعرض له لاحقاً إن شاء الله تعالى، لكونه من المباحث المهمّة والدقيقة.

 

[ سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ]

 


[1] - المغني في الأصول، ج١، ص٤١٣، بقلم الشيخ نزار آل سنبل القطيفي.
[2] - وسائل الشيعة، ج٣، ص٤٨٩.
[3] - وسائل الشيعة، ج٢٤، ص١٨٧.
[4] - وسائل الشيعة، ج١٦، ص٣٧٠.
[5] -(فرائد الأصول، ج٣، ص٢٠٣):.
[6] - جواهر الكلام، ج١٦، ص٢٧٧:.
logo