47/06/29
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی مدعی السيّد الروحاني - إجمال الدليل الخاصّ من جهة الشبهة المفهوميّة ودوران الأمر بين المتباينين/ الأمر الثاني /العام و الخاص
الموضوع: العام و الخاص / الأمر الثاني / الإشکال علی مدعی السيّد الروحاني - إجمال الدليل الخاصّ من جهة الشبهة المفهوميّة ودوران الأمر بين المتباينين
ذهب السيّد الروحاني إلی أنّ سريان الإجمال إلى العامّ وعدمه في فرض إجمال الخاصّ مبنيّ على اعتبار حجّيّة الخاصّ في حدود ظهوره الفعلي فحسب، أو حجّيّته على ثبوت الحكم للعنوان الواقعي الذي دلّ عليه وإن لم يكن له ظهور واضح.
فعلى الفرض الأوّل، يكون الخاصّ حجّة بالنسبة إلى القدر المتيقّن فقط ولا يخصّص العامّ قطعاً بأزيد من ذلك، فلا يسري إجمال الخاصّ إليه. وأمّا على الفرض الثاني، فيصير العامّ أيضاً مجملاً في موارد الشكّ، لأنّ الخاصّ قد ضيّق دائرته على نحو غير معلوم.
وقد وجّه المبنى الأوّل بأنّ جعل الحجّيّة إنّما يكون معقولاً في المقدار الذي يترتّب عليه أثر عملي، وما زاد على الظهور الفعلي يكون جعل الحجّيّة فيه لغواً.
كما قرّب المبنى الثاني بأنّ التعبّد بثبوت الحكم على المجمل بواقعه يمكن أن يترتّب عليه أثر، لأنّ المكلّف مع علمه بتضييق المراد الواقعي من العامّ، يتوقّف في الموارد المشكوكة.[1]
غير أنّ فيه أوّلاً: أنّ البحث في هذا المقام ليس في الحجّيّة، بل في الظهورات، لأنّ هذه المسألة لا تختصّ بالأدلّة الشرعيّة، بل تعمّ المحاورات العرفيّة أيضاً.
وثانياً: من الواضح أنّ حجّيّة الدليل لا يمكن أن تتجاوز مقدار دلالته، وإلّا للزم أن يكون كلّ شيء حجّة على كلّ شيء من دون أن يدلّ عليه.
وثالثاً: حتّى لو سلّمنا بأنّ الخاصّ إنّما يكون حجّة في حدود ظهوره ـ وهو الصحيح ـ فإنّ إجماله يسري إلى العامّ أيضاً على البيان المتقدّم. نعم، مع رفع الإجمال عن الخاصّ بالأخذ بقدره المتيقّن، لا يبقی هناك إجمال حتّی يسري إلی العامّ.
والنكتة الأخيرة التي ينبغي بحثها في هذا المقام هي أنّه مع فرض سريان إجمال الخاصّ إلى العامّ، هل يمكن التمسّك بعموم العامّ في الأفراد الزائدة على الأكثر والتي يقطع بعدم دخولها تحت الخاصّ؟
ووجه الإشكال في هذا التمسّك أنّ الخاصّ في الحقيقة كاشف عن المراد الجدّي للمتكلّم من العامّ، وأنّ الإجمال في الخاصّ ينتهي إلى الإجمال في المراد الجدّي من العامّ. وبناءً على ذلك، ففي مثل هذا الفرض ومع عدم وجود قرينة أُخرى يمكن الركون إليها للحكم بشمول العامّ للأفراد الزائدة على الأكثر والتي يقطع بعدم دخولها تحت الخاصّ، لا يبقى دليل على شمول العامّ لهذه الأفراد.
والذي يمكن أن يقال في مقام دفع هذا الإشكال هو أنّه إن كان الخاصّ شاملاً للأكثر، كان المراد الجدّي للمتكلّم من العامّ على نحو يشمل عمومه الأفراد الزائدة على الأكثر، وإن كان الخاصّ شاملاً للأقلّ فقط، كان المراد الجدّي من العامّ على نحو يشمل عمومه الأفراد الزائدة على الأقلّ. فبعد ورود الخاصّ المجمل الدائر بين الأقلّ والأكثر، يحصل لنا علم إجمالي بأنّ ما يكون تحت عموم العامّ واقعاً إمّا هو الأفراد الزائدة على الأقلّ، وإمّا هو الأفراد الزائدة على الأكثر.
وهذا العلم الإجمالي ينحلّ إلى علمين تفصيليّين: أحدهما العلم بإرادة الأفراد الزائدة على الأكثر من العامّ، والآخر العلم بعدم إرادة الأقلّ منه. ومع ذلك يبقى شكّ في خصوص الأفراد الواقعة بين الأقلّ والأكثر، وهو الذي يوجب إجمال العامّ بالنسبة إلى هذه الأفراد.
وعليه فإنّ الإجمال الساري من الخاصّ إلى العامّ إنّما يختصّ بالأفراد الواقعة بين الأقلّ والأكثر ولا يشمل غيرها. فلا يكون هناك إجمال للعامّ بالنسبة إلى سائر الأفراد ويصحّ التمسّك به في الأفراد الزائدة على الأكثر.
المطلب الثاني: إجمال الدليل الخاصّ من جهة الشبهة المفهوميّة ودوران الأمر بين المتباينين
إذا ترتّب حكم على العامّ في دليل ما ثمّ ورد مخصّص مجمل من جهة المفهوم لدوران أمره بين المتباينين ـ كما إذا قيل في دليل: «أكرم العلماء» وفي دليل آخر: «لا تكرم زيداً العالم» مع الشكّ في أنّ المراد هو «زيد بن عمرو» أو «زيد بن بكر» ـ فهل يمكن التمسّك بعموم العامّ في موارد الشكّ؟
أقول: يتّضح حكم هذه الصورة بناءً على ما تقدّم بيانه؛ فإنّ إجمال الخاصّ يسري إلى العامّ ويوجب إجماله. غير أنّ الفرق هنا أنّه لا يمكن رفع إجمال الخاصّ عن طريق انحلال العلم الإجمالي، لكون النسبة بين طرفيه هي التباين. ونتيجة ذلك أنّ التمسّك بالعامّ في موارد الشكّ لا يكون جائزاً.