« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 بيان المحقّق النائيني في مقام دفع إشكال الآخوند/ الامر الاول /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الامر الاول / بيان المحقّق النائيني في مقام دفع إشكال الآخوند

 

أوضحنا في الجلسة السابقة بيان الميرزا النائيني بخصوص مدّعى الشيخ الأعظم وما ذكره في مقام دفع إشكال الآخوند عليه.

أقول: إنّ ما ذكره المحقّق النائيني في مقام الردّ على إشكال المحقّق الخراساني ـ بناءً على ظاهر مدّعى صاحب الكفاية من أنّه بعد ورود المخصّص وصيرورة استعمال العامّ مجازيّاً، يحصل الشكّ في أصل وجود المقتضي لشمول الباقي ـ كلام مقبول، لأنّه حتّى مع التسليم بمجازيّة استعمال العامّ، لا يتطرّق الشكّ إلی شمول العامّ للأفراد الباقية، وإنّما الشكّ في الحدّ الذي يمتدّ إليه هذا الشمول.

وذلك لأنّ كون استعمال العامّ مجازيّاً بعد ورود الخاصّ لا يعني أنّ العامّ لم يبق له شمول أصلاً، بل مفاده أنّ الخاصّ يكشف عن أنّ العموم الذي كان مقتضى الوضع أن يستوعب جميع الأفراد، لم يكن مراداً للمتكلّم. غير أنّ هذا لا ينافي إرادة مرتبة أُخرى من الشمول بحيث يبقى العامّ شاملاً لبعض أفراد المفهوم وإن لم يشملها جميعاً.

ومن هنا فإنّ المستشكل لم يدّع أنّ العامّ بعد ورود المخصّص لا يمكن أن يشمل الأفراد الباقية لمجرّد صيرورة استعماله مجازيّاً، بل مدّعاه أنّ شمول العامّ لتلك الأفراد من سنخ المجاز، والمجاز ـ بلحاظ سعة دائرة الشمول وضيقها ـ ذو مراتب متعدّدة، ولا مرجّح لتقديم إحدى هذه المراتب على الأُخرى؛ فلا يمكن الحكم بشمول العامّ لجميع الأفراد الباقية بعد التخصيص.

إلّا أنّه يمكن تقرير الإشكال على مدّعى الشيخ بصيغة لا يجدي بيان الميرزا النائيني في دفعها.

توضيح الإشكال هو أنّه وإن كان أصل وجود المقتضي بعد ورود الخاصّ ـ ولو مع التسليم بالاستعمال المجازي للعامّ بقرينة ورود الخاصّ ـ غير قابل للإنكار، إلّا أنّ البحث إنّما هو في حدود المقتضي وسعته.

وبعبارة أُخرى: إنّ ما يوجب الشكّ في دائرة شمول العامّ بعد ورود الخاصّ، ليس هو التردّد في وجود مانع يمنع من تأثير المقتضي، بل هو التردّد في مقدار المقتضي نفسه؛ بمعنى أنّه هل يکون المقتضي بحيث يشمل جميع الأفراد الباقية، أم أنّه لا يشمل إلّا بعضها؟ وذلك لأنّ مراتب العموم تحسب على أساس مقدار اقتضاء العامّ لشمول الأفراد، لا على أساس وجود مانع يحول دون عمل المقتضي.

ولأجل ذلك لا يقاس مقدار اقتضاء العامّ لشمول أحاد أفراد المفهوم على أساس ما يخرج منها بسبب الدليل الخاصّ، بل إنّ اقتضاء شمول جميع الأفراد ثابت في نفس العامّ بما هو عامّ.

وعليه فمع التردّد في مقدار ما يقتضيه الدليل العامّ من الشمول بعد ورود الخاصّ ومجازيّة استعماله بحيث يقصر شموله عن استيعاب جميع الأفراد، لا وجه للتمسّك بأصل عدم المانع لإثبات شمول العامّ لجميع الأفراد الباقية.

فإن أردنا تنظير هذا المطلب أمكن تمثيله بأنّه لو كان في حوض مقدار من الماء وكانت هناك عشرة أوانٍ ذات سعات مختلفة بحيث تكون سعة أكبرها مساوية لحجم الماء الموجود في الحوض وعلمنا أنّ شخصاً قد ملأ أحد هذه الأواني من ماء الحوض مع أنّنا نعلم أنّه وإن جرت عادته على استعمال أكبر الأواني عند ملء الماء، إلّا أنّه في هذه الواقعة لم يستعمل ذلك الإناء، ففي مثل هذه الحالة لا يوجد أصل أو ضابط يمكن الاستناد إليه لإحراز أنّ مختاره لملئه بماء الحوض کان أيّ إناء من الأواني الباقية.

وأمّا على بيان الشيخ، فصورة المثال تكون کأنّه لا يوجد هناك إلّا إناء واحد وهو ممتلئ بالماء، ونعلم أنّ مقدار حجم قَدَرين مثلاً قد أُخذ منه، ونشكّ في أنّه هل أُخذ منه أكثر من ذلك أو لا؛ وفي مثل هذا الفرض يكون مقتضى الأصل عدم أخذ مقدار زائد على المقدار المعلوم.

غير أنّه من الواضح أنّه بناءً على مجازيّة استعمال العامّ بعد ورود المخصّص، يكون محلّ الكلام من قبيل المثال الأوّل لا المثال الثاني؛ لأنّنا نعلم بأنّ العامّ لم يستعمل في معناه الموضوع له، وإنّما الشكّ في أنّ استعماله کان في أيّ من المعاني الأُخرى.

وأمّا الإشكال الآخر الوارد على مدّعى الشيخ فهو أنّ هذا التقرير لا ينهض بإثبات حجّيّة العامّ في الأفراد الباقية بعد ورود الخاصّ في العامّ المجموعي؛ وذلك لأنّ دخول كلّ فرد تحت العامّ في العامّ المجموعي ليس على نحو الاستقلال عن سائر الأفراد، بل إنّ كلّ فرد إنّما يندرج تحت العامّ بشرط انضمام سائر الأفراد إليه.

 

logo