« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 تعاريف التخصيص/ الأمر الأوّل /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الأوّل / تعاريف التخصيص

 

قد ذكرت للتخصيص تعاريف لا يسلم أكثرها من المناقشة والإشكال.

قال عضدالدين الإيجي في شرحه: «التخصيص في الإصطلاح قصر العامّ علی بعض مسمّياته ويتناول ما أُريد به جميع المسمّيات أوّلاً ثمّ أُخرج بعض کما في الاستثناء ولم يرد إلا بعض مسمّياته ابتداءً کما في غيره.

وقال أبو الحسين: هو إخراج بعض ما يتناوله الخطاب عنه.

وأُورد عليه أنّ ما أُخرج فالخطاب لم يتناوله.

فأجاب بأنّ المراد ما يتناوله الخطاب بتقدير عدم المخصّص؛ کقولهم: «خصّص العامّ» و«هذا عامّ مخصّص»، ولا شكّ أنّ المخصّص ليس بعامّ، لکنّ المراد به کونه عامّاً لولا تخصيصه...

التخصيص كما يطلق على قصر العام على بعض مسمّياته، فقد يطلق على قصر اللفظ على بعض مسمّياته وإن لم يكن عامّاً؛ وذلك كما يطلق على اللفظ كونه عامّاً لتعدّد مسمّياته، مثاله: «عشرة»، يقال له عامّ باعتبار آحاده، فإذا قصر على خمسة بالاستثناء عنه قيل: قد خصّص...»[1]

وظاهر هذا التعريف أنّه يری التخصيص بمعنى إخراج فرد من أفراد موضوع الحكم أو جزء منه من تحت ذلك الموضوع.

وقال أبو إسحاق الشيرازي: «التخصيص تمييز بعض الجملة بالحكم، ولهذا نقول: خصّ رسول الله(ص) بكذا وخصّ الغير بكذا. وأمّا تخصيص العموم فهو بيان ما لم يرد باللفظ العامّ.»[2]

ويستفاد من هذه العبارة أيضاً أنّ تخصيص العامّ موجب للإخراج الموضوعي. وأمّا ما ذكره بشأن اختصاص الحكم، فلا ارتباط له بالمعنى الاصطلاحي للتخصيص، بل مرجعه إلى معناه اللغوي.

ولكن قال القاضي ابن الفرّاء: «وأمّا التخصيص فهو تمييز بعض الجملة بحكم. وقيل: إخراج بعض ما تناوله العموم. وقيل: بيان المراد باللفظ العامّ.»[3]

وظاهر هذه العبارة أنّه قد التزم في تعريف التخصيص بالإخراج الحكمي، وإن ذكر أنّ بعضهم يرى أنّه إخراج موضوعي.

وقال السيّد المرتضی في تعريف التخصيص: «حدّ التّخصيص هو... أنّ المخاطب بالكلمة أراد بعض ما تصلح‌ له دون بعض‌.»[4]

وبناءً على هذه العبارة أيضاً فالتخصيص هو ما يستلزم إخراجاً موضوعيّاً لبعض الأفراد من تحت العامّ.

وهو ظاهر تعريف المحقّق القمّي أيضاً حيث قال: «هو قصر العامّ على بعض ما يتناوله، وقد يطلق على قصر ما ليس بعامّ حقيقة كذلك كالجمع المعهود، و من ذلك تخصيص مثل: عشرة و الرغيف بالنسبة الى أجزائهما.

والتخصيص قد يكون بالمتّصل، وهو ما لا يستقلّ بنفسه بل يحتاج الى انضمامه إلى غيره، كالاستثناء المتّصل، والشرط، والغاية، والصفة، وبدل البعض.

وبالمنفصل، وهو ما يستقلّ بنفسه‌.»[5]

فإنّ عدّ الصفة من أقسام التخصيص، صريح في أنّ الإخراج بالتخصيص إخراج موضوعي.

وأمّا صاحب الفصول فقد صرّح بأنّ التخصيص يشمل الإخراج الموضوعي كما يشمل الإخراج الحكمي، وقال: «التخصيص قصر العامّ أو حكمه على بعض ما يتناوله.»‌[6]

غير أنّ ما ذكر من كون التخصيص إخراجاً لفرد من تحت أفراد العامّ أو شمول التخصيص لهذا الأمر، لا يمكن الالتزام به، بل المراد منه هو إخراج فرد من أفراد الموضوع العامّ من شمول حكمه ـ أي: إخراجه الحکمي ـ لا إخراجه من العامّ موضوعاً حتّی يقال: إنّ موضوع حكم العامّ لا يشمل ذلك الفرد أصلاً.

وبعبارة أُخرى: إنّ التخصيص إنّما يتحقّق فيما إذا كان موضوع الحكم في الدليل العامّ شاملاً لفرد من أفراد العامّ، ومع ذلك لا يترتّب الحكم على ذلك الفرد علی أساس المراد الجدّي للمتكلّم. أمّا إذا لم يكن موضوع الحكم شاملاً لفرد ما، فذلك في الحقيقة تخصّص لا تخصيص، كما أنّ تقييد الحكم بالقيود الواردة في نفس الدليل لا يعدّ تخصيصاً.

وبالنتيجة، فلا يمكن عدّ الموارد التي قيّد فيها الموضوع بقيد ما ـ كالوصف ونحوه ـ من أقسام التخصيص.

كما لا يمكن عدّ الموارد التي قيّد فيها الحكم المذكور في القضيّة بقيد كالشرط أو الغاية ونحوهما من أقسام التخصيص، لأنّ ذلك لا يقتضي إخراجاً حكميّاً لبعض الأفراد من تحت شمول الدليل العامّ وإنّما يعدّ من قبيل تقييد الحكم بقيد ورفع إطلاقه من دون نظر إلی أفراد الموضوع ولا تعرّض لحالها.

 


[1] ـ شرح العضد، ص208.
[2] ـ اللمع، ص30.
[3] ـ کتاب العدّة، ج1، ص155.
logo