إشکال المحقق الإصفهاني علی مدّعى الآخوند/ الأمر الأوّل /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / الأمر الأوّل / إشکال المحقق الإصفهاني علی مدّعى الآخوند

أورد المحقّق الإصفهاني ـ بناءً على المبنى الذي تبنّاه في بحث الطلب والإرادة من أنّ إنشاءات الشارع غير متقوّمة بالإرادة التشريعيّة ـ إشكالاً آخر على مدّعى الآخوند، فقال: إن لم نر إنشاءات الشارع مبنيّة على إرادته التشريعيّة، كانت حجّيّتها مستفادة من مجرّد كاشفيّة الإنشاء عن البعث الجدّي، وحين يكون إنشاء واحد متعلّقاً بموضوعاتٍ متعدّدة، فإنّه ـ لصدوره بداعي البعث الحقيقي ـ يكون منشأً لانتزاع البعث الحقيقي بالنسبة إلى كلّ واحد من تلك الأفراد.

غير أنّه لو ثبت البعث الحقيقي في بعض الأفراد دون بعضها الآخر، لزم صدور إنشاء واحد بداعيين متغايرين: جعل القاعدة وجعل الداعي، مع أنّه لا جامع بينهما في الداعويّة، وهو غير ممکن.

فمقتضی ورود المخصّص انکشاف أنّ الداعي كان هو جعل القاعدة لا جعل الداعي؛ ولذلك لا يترتّب عليه بعث ولا حجّيّة، لأنّا قرّرنا أنّ حجّيّة الدليل متقوّمة بكاشفيّته عن البعث. وأمّا القول بانقلاب إنشاء صدر بداعٍ واحد بحيث يكون قبل التخصيص بداعي جعل القاعدة وبعده بداعي البعث والتحريك، فواضح الفساد.

علی أنّ ظاهر الإنشاء أنّه صدر بداعي البعث لا بداعي جعل القاعدة. وحينئذ فبعد ورود المخصّص، يتردّد الأمر بين رفع اليد عن أحد الظهورين: فإمّا أن نرفع اليد عن الظهور الاستعمالي في العموم ونحفظ ظهور الإنشاء في البعث، وإمّا أن نعرض عن ظهوره في التحريك والبعث ونحمله على جعل القاعدة، ولا مرجّح لتقديم أحد الظهورين على الآخر.

ثمّ إنّه في مقام دفع هذين الإشكالين يقول: إنّ المخصّص المنفصل إمّا أن يرد قبل وقت الحاجة، وإمّا أن يرد بعده.

فإن ورد قبل وقت الحاجة، فمع أنّ الإنشاء قد صدر بداعي البعث الجدّي، إلّا أنّ هذا البعث قد تعلّق بموضوع تحدّد وتعيّن بكلامين منفصلين؛ فإذا علم أنّ عادة المتكلّم إفادة مقاصده الاختصاصيّة ببيانين منفصلين، لم يكن ظهور كلامه في العموم كاشفاً عن مراده الجدّي.

وأمّا إذا ورد المخصّص بعد وقت الحاجة، فالإنشاء بالنسبة إلى جميع الأفراد قد صدر بداعي البعث الجدّي، غاية الأمر أنّ هذا البعث في بعض أفراد العام ناشئ من المصالح الحقيقيّة الأوّليّة، وفي بعضها الآخر ناشئ من المصالح الثانويّة على نحو تنتهي مدّة اعتبار تلك المصالح الثانويّة بورود المخصّص.[1]

غير أنّ السيّد الروحاني لم يعدّ هذا الجواب رافعاً للإشكال وسنعرض مدّعاه في الجلسة القادمة ان شاء الله.