47/05/17
بسم الله الرحمن الرحیم
تحليل مدعی الآخوند الخراساني _ الجمع المضاف/ المقدمات /العام و الخاص
الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / تحليل مدعی الآخوند الخراساني _ الجمع المضاف
قد ذكرنا أنّ ظاهر كلام الآخوند الذي نقلناه في الجلسة السابقة، هو أنّه قد عدل عن مبناه في إفادة العموم بواسطة أدواته في خصوص ما يستفاد من مدخولها بمقتضى تماميّة مقدّمات الحكمة.
ومؤيّد ذلك ما ورد في تقريرات درسه التي دوّنها المحقّق القزويني حيث جاء فيها: «اللهمّ إلّا أن يدّعی أنّ قضيّة وقوع النکرة في سياق النفي إحاطة النفي بتمام أفراد الطبيعة وإن أُخذت مهملة، بأن يکون الظاهر المتفاهم منها عرفاً الشمول لتلك الأفراد بأسرها من غير شذوذ فرد منها وإن لم تقم قرينة عليه من مقدّمات حکمة، بل بنفسها وضعاً أو إطلاقاً دالّة علی استيعاب الحکم لتمام مصاديق الطبيعة؛ ولا شاهد عليها.
ولو تمّ ذلك تکون دلالة النکرة المنفيّة علی العموم لفظيّة لا عقليّة، ولکن لا سبيل إليه، لما عرفت من أنّ مقتضی وضعها غير ذلك نظراً إلی کلمة النفي ومدخولها المأخوذ لا بشرط الصالح للإطلاق والتقييد.»[1]
وظاهر هذا الكلام ـ كما هو بيّن ـ أنّه إذا كانت الدلالة على العموم مبنيّة على الوضع، فلا حاجة إلى تماميّة مقدّمات الحكمة في إفادة العموم. وحيث إنّ دلالة أدوات العموم ـ كلفظ «كلّ» ـ عليه دلالة وضعيّة، لزم أن يلتزم بأنّه لا حاجة في إفادة العموم بواسطة هذه الأدوات إلى تماميّة مقدّمات الحكمة في مدخولها.
وأمّا ما ذكره في شأن الاسم المعرّف باللام، فهو إشارة إلى النكتة السابقة، بمعنى أنّ الأخذ بالعموم في هذه الموارد أيضاً موقوف على تماميّة مقدّمات الحكمة في مدخول اللام. وأمّا إذا کان مدخول اللام مقيّداً ـ كما في قولنا: «أكرم العلماء العدول» ـ فليس هذا القيد مانعاً من العموم ولا يصحّ الادّعاء بأنّ العموم في هذه الموارد قد خصّص، بل إنّ العموم الذي تفيده اللام هنا إنّما يتحقّق مع ملاحظة التضييق الحاصل في المدخول منذ الابتداء بذكر القيد. ومن ثمّ فإنّ دخول اللام على المدخول المقيّد يفيد العموم بالإضافة إلى جميع أفراد العالم العادل.
وهذا الكلام وإن كان صحيحاً في مورد ما إذا كان مدخول «اللام» مقيّداً بقيد ما، إلّا أنّ القول بأنّ إفادة شمول مدخول «اللام» لجميع أفراده في حال عدم وجود أيّ قيد متوقّفة على تماميّة مقدّمات الحكمة، يرد عليه الإشكال الذي تقدّم بيانه.
كما يتّضح على ضوء ما سبق، وجه الإشكال في ما ادّعاه من أنّ إفادة العموم بواسطة الاسم المحلّى باللام ليست مبنيّة على الوضع، بل على تماميّة مقدّمات الحكمة أو القرائن المصاحبة للكلام.
٤ ـ الجمع المضاف
قال صاحب الفصول في بيان إفادة العموم من «الجمع المضاف» وعدم إفادته من «المفرد المضاف»: إنّ الجمع المضاف كالجمع المعرّف باللام ظاهر في العموم، ومنشأُ ذلك هو اقتضاء أصل وضع الإضافة للإشارة إلى شيء معهود عند المخاطب.
وبناءً على ذلك، فكلّما لم توجد قرينة على تعيين بعض الأفراد في الجمع المضاف إلى معرّف ـ كقولنا: «علماءُ البلد» ـ يحمل اللفظ على الاستغراق لجميع الأفراد، لأنّ هذه المرتبة هي المتعيّنة عند المخاطب، بخلاف المراتب الأدنى التي تكون مردّدة بين جماعات متعدّدة.
وأمّا توجيه إفادة العموم في الجمع المضاف إلى نكرة فهو أنّ المضاف إليه لا يوجب تعييناً، فلو حمل المضاف على بعض غير معيّن، لكان إبهامه أشدّ، وهذا مخالف لأصل الإضافة. وأمّا إذا حمل على المجموع، فإنّ الإبهام لا يكون إلّا من جهة المضاف إليه، وذلك أقرب المجازات إلى الحقيقة، فيلزم الحمل عليه عند تعذّر الحمل على الحقيقة.
وهذا بخلاف المفرد المضاف، فإنّه لا يدلّ بنفسه على العموم، لأنّ مدلول المفرد ـ بخلاف الجمع الذي مدلوله الأفراد، ولا تكون عند السامع في حال عدم العهد مرتبة معيّنة منه سوى جميع الأفراد ـ هو الماهيّة أو الجنس، ويمكن لحاظ تعيّنه باعتبار جنسي أو صنفي أو شخصي. وبناءً على ذلك لا يصحّ حمله على جميع الأفراد استناداً إلى البيان المتقدّم في شأن الجمع المضاف.[2]
أقول: إنّ الإشكال في التوجيه الذي ذكره، هو عين الإشكال الوارد على توجيهه في بيان وجه إفادة العموم من الجمع المعرّف باللام، وهو أنّ إفادة العموم على هذا التوجيه مبنيّة على تماميّة مقدّمات الحكمة، وهي من شؤون مقام الدلالة التصديقيّة، في حين أنّ إفادة الجمع المضاف للعموم تقع في مرحلة الدلالة التصوّريّة.
وبناءً على ذلك، لابدّ من تقديم توجيه آخر لهذا الأمر، وسنذكره في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالی.