47/05/10
بسم الله الرحمن الرحیم
الأقوال في إفادة العموم بالجمع المحلی باللام/ المقدمات /العام و الخاص
الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / الأقوال في إفادة العموم بالجمع المحلی باللام
تقدّم في الجلسة السابقة الجواب عن إيراد الآخوند على مدّعى صاحب الفصول في وجه إفادة الجمع المحلّى باللام للعموم.
يقول الشهيد الصدر مدافعاً عن مدّعى الآخوند: إنّ «اللام» في الجمع يمكن أن تستعمل إمّا للتعيّن الخارجي الملازم للعموم، أو للتعيّن الجنسي بمعنى «جنس الجمع والكثرة»، كقولنا: «إنّ العالِمَين أو العلماء خير من عالم واحد». كما أنّ إرادة مرتبة دون مرتبة الاستيعاب ـ كإرادة تسعة أفراد بدلاً من عشرة حيث يکون المقصود الكلّي «تسعة أفراد» على نحو البدل ـ لا تنافي التعيّن الذي تدلّ عليه «اللام»، لأنّ «اللام» موضوعة لطبيعي التعيين.[1]
ولکن فيه: أنّ استعمال «اللام» في الجمع للدلالة على التعيّن الجنسي متوقّف على وجود قرينة، بل يمكن أن يدّعى أنّ هذا الاستعمال مجازيّ، مع أنّ البحث في محلّ الكلام إنّما هو عن المدلولِ التصوّري لا غير.
وبناءً على ذلك يتّضح الإشكال في مدّعاه الثاني أيضاً القائل بأنّ تعيّن مدخول «اللام» ناشئ من إرادة المتكلّم مرتبة دون مرتبة الاستيعاب بنحو البدل، إذ البحث هنا ليس في إرادة المتكلّم التي هي من شؤون المدلول التصديقي، بل في المدلول التصوّري المستفاد من الجمع المعرّف باللام.
فينبغي أن يقال في الإشكال على مدّعى صاحب الفصول: إنّ لازم كلامه أن تكون إفادة الجمع المحلّى باللام للعموم متوقّفة على تماميّة مقدّمات الحكمة والأخذ بإطلاق الكلام، وهو ما يرجع إلى مرحلة الدلالة التصديقيّة؛ مع أنّ إفادة العموم من الجمع المحلّى باللام إنّما هي راجعة إلى مرحلة الدلالة التصوّريّة، إذ يدرك بالوجدان أنّ لفظاً مثل «العلماء» يفيد العموم تصوّراً.
ثمّ إنّه يرى الميرزا النائيني أنّ دلالة صيغة الجمع المعرّف باللام على العموم إنّما هي مستفادة من وضع هيئته لهذا المعنى في غير موارد لام العهد.[2]
غير أنّ السيّد الخوئي أورد على هذا المدّعى قائلاً: إنّ وضع الهيئة للعموم يقتضي أن يكون استعمال «اللام» في موارد العهد الذكري أو الخارجي استعمالاً مجازياً، وهو أمر ظاهر البطلان.[3]
والجواب أوّلاً: إنّ الميرزا النائيني قد خصّ الوضع المذكور بغير موارد لام العهد. وثانياً: إنّ الالتزام بالمدّعى المتقدّم في موارد لام العهد أيضاً لا يستلزم ورود إيراد السيّد الخوئي عليه؛ إذ ـ كما تقدّم ـ يمكن الالتزام بإفادة الجمع المعرّف باللام للعموم في خصوص الأفراد المعهودة دون جميع آحاد أفراد الطبيعة، سواء أكان العهد ذهنيّاً أم خارجيّاً.
وعليه، يمكن الالتزام بما أفاده الميرزا النائيني من غير حاجة إلى تقييد كلامه بغير موارد العهد ـ خلافاً لما ذکره ـ بل يصحّ أن يدّعى أنّ الهيئة الناشئة من دخول «اللام» على صيغة الجمع قد وضعت لإفادة نسبة بين المفهوم المستفاد من الاسم المفرد وبين أفراده، وهذه الأفراد في غير موارد لام العهد، شملت جميع الأفراد الممكنة لذلك المفهوم، وأمّا في موارد العهد فإنّها تختصّ بالأفراد المعهودة.
فإنّ الفرق بين إفادة العموم بهيئة «اللام» الداخلة على صيغة المفرد وبين إفادته بهيئة دخول «اللام» على صيغة الجمع، هو أنّه في الصورة الثانية لا تتوقّف إفادة العموم على كون «اللام» للاستغراق، بل إنّ مجرّد دخول «اللام» على اسم الجنس يقتضي إفادة العموم به. غاية الأمر أنّه إذا كانت «اللام» للعهد، كانت إفادة العموم مقصورة على الأفراد المعهودة دون غيرها. وعليه فاستفادة العموم من الجمع المعرّف باللام لا تتوقّف على إحراز نوع «اللام» الواردة فيه.