« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکالات الواردة علی مدعی الشهيد الصدر/ المقدمات /العام و الخاص

الموضوع: العام و الخاص / المقدمات / الإشکالات الواردة علی مدعی الشهيد الصدر

 

ذكرنا في الجلسة السابقة إشکالين من الإشكالات الواردة على مدّعى الشهيد الصدر.

وأمّا الإشكال الثالث على كلامه فهو أنّ ما ذكره في توجيه دلالة الآية الشريفة دعوى غريبة، إذ من الواضح أنّ مفاهيم من قبيل «الطعام» و«الماء»، مفاهيم كلّيّة لها أفراد متعدّدة يصحّ صدقها عليها. فادّعاء کون علاقة هذه المفاهيم بأفرادها كعلاقة الكلّ بأجزائه باطل بوضوح، لأنّ العلاقة بين الكلّ والجزء هي على نحو لا يصدق الكلّ على الجزء، بل الكلّ مؤلّف من أجزائه، فكيف يمكن أن يعدّ الفرد لمفهوم كلّي جزءً من أجزائه في الوقت نفسه؟

وأمّا كون صدق مفهومي «الطعام» و«الماء» على القليل والكثير على نحو واحد، فليس معناه أنّ أفرادهما في حكم الأجزاء، بل معناه أنّ الكثرة والقلّة في أجزاء الفرد لا مدخليّة لهما في فرديّتهما، بحيث يمكن أن يكون فرد واحد منهما مؤلّفاً من أفراد أُخرى منه، وتكون العلاقة بين أفرادهما علاقة الكلّ والجزء. وإلّا فمن الواضح أنّ هذين المفهومين لهما أفراد متعدّدة ويصحّ أن يقال مثلاً: «أطعمة متنوّعة».

فينبغي في بيان الضابط في المسألة أن يقال: إنّ مدخول لفظ «كلّ» يمكن أن تكون له حالات ثلاث:

الأُولى: أن يكون مفهوماً كلّيّاً ذا أفراد لا يفيد العموم قبل دخول لفظ «كلّ» عليه.

الثانية: أن يكون مفهوماً كلّيّاً ذا أفراد ويفيد العموم بنفسه قبل دخول لفظ «كلّ».

الثالثة: أن لا يكون ذا أفراد بل يكون مركّباً ذا أجزاء.

ففي الفرض الأوّل يكون دخول لفظ «كلّ» موجباً لإفادة مدخوله العموم الاستغراقي، سواء أكان المدخول نكرة أم معرفة، كما في قولنا: «كلّ عالم» أو «كلّ كتاب زيد».

ومن هذا الباب أيضاً قوله تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ﴾، فإنّه يدلّ على العموم الاستغراقي، لأنّ الألف واللام الداخلة على كلمة «الطعام» هي لام الجنس لا العهد، فـ «الطعام» مفهوم كلّي له أفراد متعدّدة.

وفي الفرض الثاني يكون دخول لفظ «كلّ» موجباً لأن يصير عموم مدخوله عموماً مجموعيّاً، كما في قولنا: «كلّ العلماء»؛
فإنّ وظيفة «كلّ» في مثل هذه الموارد ليست إفادة أصل العموم، لأنّ العموم يفهم من المدخول نفسه ولو لم تدخل عليه «كلّ»، بل وظيفتها تحديد نمط العموم المراد من المدخول وبيان أنّه مجموعي لا استغراقي.

وأمّا في الفرض الثالث، فإنّ دخول لفظ «كلّ» على مثل هذا المدخول يستلزم تقدير أمرٍ محذوف، لأنّ ما لا أفراد له، لا يتصوّر فيه عموم.

فکون مدخول «كلّ» في هذه الموارد مركّباً مؤلّفاً من مجموع أجزائه يعدّ قرينة على أنّ المقصود من لفظ «كلّ» هو إفادة عموم الأجزاء على نحو العموم المجموعي، كما في قولنا: «كلّ الكتاب» فيما إذا كانت الألف واللام للعهد دون الجنس.

وأمّا في الجهة الثانية من البحث ـ أي في كيفية دلالة لفظ «كلّ» على العموم ـ فقد وجد في كلمات الأصحاب قولان:

القول الأوّل: أنّ لفظ «كلّ» يدلّ على عموم ما أُريد من مدخوله بلحاظ إطلاقه أو تقييده.

القول الثاني: أنّ لفظ «كلّ» يدلّ بنفسه على إرادة العموم من مدخوله من غير حاجة إلى جريان مقدّمات الحكمة فيه.

وقد اختار الآخوند[1] القول الأوّل ووافقه عليه الميرزا النائيني[2] .

وأمّا ما أُورد على هذا المبنى من نقد وإيراد من بعض الأعلام، فسيأتي الحديث عنه في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.

 


logo