« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 کون الأعداد من أدوات العموم - المقدّمة الرابعة: صيغ العموم/ المقدمات /العام و الخاص

موضوع: العام و الخاص / المقدمات / کون الأعداد من أدوات العموم - المقدّمة الرابعة: صيغ العموم

 

كنّا قد ذكرنا أنّ العدد في نفسه لا يفيد العموم.

أمّا إذا ورد العدد على معدود ـ كما في قولنا: «عشرة رجال» ـ فهل يمكن حينئذٍ القول بأنّ المعدود يصبح ذا عموم؟ وبعبارة أُخرى: هل تعدّ الأعداد من أدوات العموم؟

وقد صرّح السيّد الخوئي في هذا المقام بأنّ العدد في تراكيب من قبيل: «أكرم عشرة رجال» لا يدلّ على سراية الحكم إلى كلّ واحد من مصاديق المعدود، بل إنّه بمقتضى الإطلاق وتماميّة مقدّمات الحكمة يوجب تخيير المكلّف في تعيين مصاديق «عشرة رجال».

وأمّا سراية الحكم إلى آحاد المعدود فهي من قبيل تعلّق الأحكام الضمنيّة بأجزاء مركّب کان موضوعاً لحکم وحداني، لا من قبيل تعلّق أحكام متعدّدة مستقلّة بأفراد متعدّدة كي يعدّ من سنخ دلالة العامّ على عموم أفراده.[1]

لکنّ الإشكال على مدّعاه هو أنّه وإن لم يکن العدد موجباً للحاظ المعدود على نحو تتعدّد فيه الأحكام بتعدّد الأفراد، إلّا أنّ للعموم أقساماً متعدّدة، وما اعتبره السيّد الخوئي شرطاً في تحقّق العموم إنّما يختصّ بالعامّ الاستغراقي، في حين أنّ العامّ المجموعي لا يتضمّن أكثر من حكم واحد يتعلّق بالمرکّب الحاصل من آحاد العامّ.

وبناءً على ذلك يمكن القول في مورد ورود العدد على معدود: إنّ العدد يفيد تحقّق العموم المجموعي في المعدود؛ فمثلاً إذا قيل: «أكرم عشرة رجال»، فالمستفاد من هذا التعبير أنّ حكماً واحداً قد تعلّق بإكرام مجموع مؤلّف من عشرة رجال. وعليه فدعوی کون العدد من أدوات العموم لا يكون دعوى جزافيّة.

غير أنّه يشکل هذا المدّعى بأنّه عند دخول العدد على المعدود، يتشكّل تركيب تكون أجزاؤه بعض أفراد المعدود، ويكون عددها مساوياً لنفس العدد الوارد.

وبعبارة أُخرى: فإنّ العدد في مقام تحديد أجزاء مركّب يتألّف من أفراد المعدود.

وبناءً على ذلك لا يمكن عدّ العدد من أدوات العموم؛ لأنّ العموم ينافي التحديد کما تقدّم، ومجرّد كون دخول العدد مقتضياً لتركيب من أفراد المعدود لا يستلزم إفادة العموم في المعدود.

ولهذا نجد أنّ أدوات مثل: «كلّ» و«مجموع» و«أيّ» لا تتضمّن أيّ تحديد في مدخولها، بل تفيد شمول مدخولها لآحاد أفراده.

وأمّا اختيار المكلّف في إيجاد التركيب الحاصل من دخول العدد بأيّ مصداق يشاء، لا علاقة له بالعموم، بل هو ـ كما صرّح السيّد الخوئي ـ أمر مستفاد من إطلاق الكلام، لا من دلالته على العموم.

ومن المؤيّدات على أنّ دخول العدد على المعدود لا يفيد عموم المدخول هو أنّه ـ وكما أفاده الشهيد الصدر[2] أيضاً ـ يمکن أن ترد أدوات العموم على تركيب مشتمل على العدد، كما في قولنا: «أكرم كلّ عشرة رجال دفعة واحدة»، ومن الواضح أنّه لو كان العدد بنفسه يفيد العموم، لما صحّ دخول أدوات العموم على مثل هذا التركيب.

اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ ورود لفظ كـ «كلّ» على مثل هذا التركيب يمكن أن يكون من باب التأكيد، ولا يلزم منه أن لا يكون العدد من ألفاظ العموم.

وعلى كلّ حال، فبناءً على ما تقدّم، لا إشكال في أنّ العدد ليس من أدوات العموم.

المقدّمة الرابعة: صيغ العموم

هل للعموم صيغة خاصّة يمكن دعوى ظهور الكلام في العموم بناءً عليها؟

ذهب الآخوند إلى أنّه كما أنّ للخصوص صيغة خاصّة تدلّ عليه، فكذلك للعموم صيغة مخصوصة به، كلفظ «كلّ» الذي وضع للدلالة على العموم، ولا يستعمل في الخصوص إلّا على سبيل المجاز وبعناية، كادّعاء العموم أو باعتبار علاقة العموم والخصوص.

وعليه فما ذكر من الإشکالات ـ كدعوى أولويّة المعنى المتيقّن بحجّة العلم بإرادة الخصوص في ضمن العموم، أو شيوع التخصيص في ألفاظ العموم ـ لا يوجب خروج اللفظ عن كونه موضوعاً للعموم؛ لأنّه أوّلاً: حتّى مع فرض القطع بإرادة الخصوص، لا يقتضي ذلك اختصاص الوضع به؛ وثانياً: إنّ إرادة العموم من هذه الألفاظ أيضاً واقعة في موارد كثيرة.

مضافاً إلى أنّ كثرة التخصيص لا تلازم كثرة الاستعمال المجازي. ولو سلّمت هذه الملازمة، فإنّ الاستعمال المجازي مع القرينة لا يضرّ بظهور هذه الألفاظ في العموم.[3]

هذا؛ وسيأتي في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى ما أفاده السيّد الخوئي في هذا الباب.

 


logo