« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقدم المنطوق علی المفهوم في التعارض – تفاوت مدلول المنطوقي و المفهومي في المستثنی/ مفهوم الحصر /المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الحصر / تقدم المنطوق علی المفهوم في التعارض – تفاوت مدلول المنطوقي و المفهومي في المستثنی

 

قد طرحنا في الجلسة السابقة الإشكال المتعلّق بمدخليّة كون الدلالة منطوقيّة أو مفهوميّة في باب التقديم والتأخير عند التعارض.

وأمّا الجواب عن هذا الإشكال فهو أنّه وإن لم يجز أن يکون مجرّد كون المدلول مستفاداً من منطوق الكلام موجباً لتقديمه على مدلول آخر مستفاد من المفهوم، إلّا أنّه لا ريب في أنّ كون الدلالة منطوقيّة أو مفهوميّة له دخل في تقدّم أحد المدلولين على الآخر.

وبعبارة أُخرى: إنّ من الأُمور التي تقتضي تقدّم مدلول كلام على مدلول كلام آخر أن يكون الأوّل منطوقاً في مقابل كون الثاني مفهوماً، وإن كان ذلك لا يعني إلغاء سائر العوامل المؤثّرة في باب التقديم بحيث يكون الملاك منحصراً في كون الدلالة منطوقيّة أو مفهوميّة فحسب.

وأمّا السيّد الروحاني فقد ذكر فرقاً آخر في أنّ الحكم الثابت للمستثنى هل هو من باب المنطوق أو من باب المفهوم فقال: إذا كان الحكم في جانب المستثنى من لوازم الخصوصيّة الثابتة لحكم المستثنى منه، فإنّه عند الشكّ في سعة حكم المستثنى أو ضيقه لا يصحّ التمسّك بإطلاق حكم المستثنى لإثبات سعته، لأنّ الإطلاق لا يجري في المدلول الالتزامي. كما لا يصحّ التمسّك بإطلاق المنطوق الملازم لإثبات الضيق أيضاً، لاحتمال أن تكون الخصوصيّة الثابتة في المستثنى منه ملازمة لنفي الإطلاق عن المستثنى، لا لنفي كلّ فرد من أفراد المطلق. وأمّا إذا كان الحكم في المستثنى مدلولاً منطوقيّاً، فيمكن حينئذٍ التمسّك بإطلاقه لإثبات سعته.

ومثال ذلك ما ورد في قوله(ع): «لا تعاد الصلاة إلا من خمسة...»[1] [2] فإنّه إذا شكّ في ثبوت الإعادة من جهة أحد الأُمور الخمسة، فبناءً على كون ثبوت الإعادة من باب المفهوم، لا يمكن التمسّك بإطلاق حكم المستثنى لإحراز عدم وجوب الإعادة، ولا بإطلاق حكم المستثنى منه لإثبات وجوبها، لاحتمال أن يكون الاستثناء بلحاظ المجموع لا بلحاظ كلّ فرد فرد.[3]

غير أنّ هذا المدّعى ترد عليه عدّة إيرادات:

أوّلاً: لا مانع من التمسّك بإطلاق المفهوم، كما هو الحال في مفهوم الشرط حيث يستدلّ بإطلاقه.

ثانياً: إنّ مجرّد كون المعنى مدلولاً التزاميّاً للّفظ لا يمنع من التمسّك بإطلاق اللفظ في ذلك المورد؛ فلو قال المولى لعبده: «جهّز لي هذا البيت» وكان لازمه أن يهيّئ العبد ما يحتاج إليه المنزل من لوازم، فلو شكّ في اعتبار خصوصيّة أداة معيّنة عند المولی، جاز نفي تلك الخصوصيّة بالتمسّك بإطلاق كلامه، ولا مانع حينئذ من جريان مقدّمات الحكمة.

ثالثاً: إنّ ما قال في وجه عدم جواز التمسّك بإطلاق حكم المستثنى منه ليس تامّاً، إذ ـ مضافاً إلى أنّه لو تمّ فإنّما يلتزم به في فرض كون المستثنى مركّباً من أُمور متعدّدة لا في صورة كونه أمراً واحداً ـ فإنّه حتّی مع فرض التعدّد لا يحتمل أن يكون الاستثناء بلحاظ المجموع لا بلحاظ كلّ فرد فرد، وإلّا لزم أن يحتمل أنّ من أخلّ بركن من أركان الصلاة وأتى بسائر الأركان، لا يشمله الأمر بالإعادة، وهو احتمال غير مقبول.

 


logo