46/11/27
بسم الله الرحمن الرحیم
عدم إفادة اللقب للمفهوم - محل النزاع في مفهوم العدد/مفهوم اللقب - مفهوم العدد/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/مفهوم اللقب - مفهوم العدد/ عدم إفادة اللقب للمفهوم - محل النزاع في مفهوم العدد
ذكر الآمدي استدلالات على عدم إفادة اللقب للمفهوم ثمّ ناقشها حيث قال: «الحجّة الأُولى: لو كان مفهوم اللقب حجّة لبطل القياس وذلك ممتنع.
وبيان لزوم ذلك أنّ القياس لابدّ فيه من أصل، وحكم الأصل إمّا أن يكون منصوصاً أو مجمعاً عليه. فلو كان النصّ على الحكم في الأصل أو الإجماع عليه يدلّ على نفي الحكم عن الفرع، فالحكم في الفرع إن ثبت بالنصّ أو الإجماع، فلا قياس وإن ثبت بالقياس على الأصل، فهو ممتنع، لما فيه من مخالفة النصّ أو الإجماع الدالّ على نفي الحكم في الفر..
الحجّة الثانية: أنّه لو كان مفهوم اللقب حجّة ودليلاً، لكان القائل إذا قال: «عيسى(ع) رسول الله» فكأنّه قال: «محمّد(ص) ليس برسول الله» وكذلك إذا قال: «زيد موجود» فكأنّه قال: «الإله ليس بموجود»، وهو كفر صراح ولم يقل بذلك قائل...
الحجّة الثالثة: أنّهم قالوا: إذا قال القائل: «زيد يأكل» لا يفهم منه أن عمراً لا يأكل...
الحجّة الرابعة: أنّه لو كان مفهوم اللقب دليلاً لما حسن من الإنسان أن يخبر أنّ زيداً يأكل إلا بعد علمه أنّ غيره لم يأكل، وإلا كان مخبراً بما يعلم أنّه كاذب فيه أو بما لا يأمن فيه من الكذب. وحيث استحسن العقلاء ذلك مع عدم علمه بذلك، دلّ على عدم دلالته على نفي الأكل عن غير زيد.»[1]
إلّا أنّه يظهر بالنظر إلى ما تقدّم من البيان، أنّ نفي دلالة اللقب على المفهوم لا يتوقّف على مثل هذه الاستدلالات، فإنّ الأساس في نفي المفهوم عن اللقب هو عدم تحقّق الملاك العامّ لإفادة القيود للمفهوم. نعم، لا مانع من أن يستأنس ببعض ما جاء في کلمات الآمدي تأييداً لهذا المبنى، وإن كان بعضها الآخر قابلة للمناقشة کما لا يخفى.
مفهوم العدد
قد ادّعيت الشهرة بل الإجماع بين الأصحاب على عدم دلالة العدد على المفهوم[2] ،بمعنى أنّه لا يدلّ على نفي الحكم عمّا زاد على العدد أو نقص عنه.
لكن الآمدي ذهب إلى التفصيل في المسألة فقال: «إنّ الحكم إذا قيّد بعدد مخصوص، فمنه ما يدلّ على ثبوت ذلك الحكم فيما زاد على ذلك العدد بطريق الأولى؛ وذلك كما لو حرّم الله جلد الزاني مائة وقال: «إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثاً»، فإنّه يدلّ على تحريم ما زاد على المائة وإنّ ما زاد على القلّتين لا يحمل خبثاً بطريق الأولى، ولأنّ ما زاد على المائة وعلى القلّتين، ففيه المائة والقلّتان وزيادة.
وهل يدلّ ذلك على أنّ الحكم فيما دون المائة ودون القلّتين على خلاف الحكم في المائة والقلّتين؟ هذا موضع الخلاف.
ومنه ما لا يدلّ على ثبوت الحكم فيما زاد على العدد المخصوص بطريق الأولى، وذلك كما إذا أوجب جلد الزاني مائة أو أباحه، فإنّه لا يدلّ على الوجوب والإباحة فيما زاد على ذلك بطريق الأولى، بل هو مسكوت عنه ومختلف في دلالته على نفي الوجوب والإباحة فيما زاد، ومتّفق على أنّ حكم ما نقص كحكم المائة، لدخوله تحتها، لكن لا يمنع من الاقتصار عليه.
والمختار فيما كان مسكوتاً عنه ولم يكن الحكم فيه ثابتاً بطريق الأولى من هذه الصور أنّ تخصيص الحكم بالعدد لا يدلّ على انتفاء الحكم فيه.»[3]
إلّا أنّ الشيخ الأعظم(ره) ناقش هذا التفصيل بحقّ فأوضح أنّ محلّ النزاع في المقام هو دلالة العدد علي المفهوم من حيث مفهوم المخالفة لا مفهوم الموافقة، أي: هل يدلّ ذكر عدد مخصوص على انتفاء الحكم فيما عداه؟ لا أنّه يدلّ على ثبوته في الزيادة أو النقيصة بطريق الأولى.[4]
ثمّ إنّه ذكر تفصيلاً آخر في المسألة وهو أنّ العدد إذا ورد في جواب سؤال مقيّد بعدد ـ كأن يسأل: «هل يجلد الزاني ثمانين؟» فيجاب: «نعم» ـ فإنّه لا يدلّ على المفهوم حينئذٍ، لأنّ له فائدة غير إفادة المفهوم. وأمّا إذا ورد العدد في جواب سؤال مطلق، فإنّه يفيد المفهوم، لأنّ فائدة ذكر العدد حينئذٍ لا تتحقّق إلّا بإفادة المفهوم، وإلّا كان ذكره لغواً.
لكنّه أشكل على هذا البيان بأنّه لا يعدّ تفصيلاً حقيقيّاً في المسألة، بل يرجع إلى القول بإفادة العدد للمفهوم في صورة انحصار الفائدة في إفادته.[5]
والحقّ تماميّة ما أفاده.