46/11/20
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکال علی مدعی الآخوند الخراساني/ مفهوم الغاية/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الغاية/ الإشکال علی مدعی الآخوند الخراساني
تقدّم في الجلسة السابقة استدلال المحقّق الخراساني في وجه عدم إفادة الغاية للمفهوم في صورة كون الموضوع مغيّىً وإفادتها له فيما إذا كان الحكم مغيّىً.
ولكنّ الأفضل في بيان ذلك أن يقال: إنّ الغاية لا تفيد المفهوم مطلقاً، إذ لا يوجد في الغاية الملاك الذي يتطلّبه كلّ قيد لإفادة المفهوم، أي العلّيّة الانحصاريّة. نعم، إذا كانت الغاية غاية للحكم، لزم منه أن لا يستمرّ الحكم بعد بلوغ الغاية، وإلّا لم يكن مغيّىً، وعدم استمرار الحكم ببلوغ الغاية يعني أنّ الحكم ينتفي بعد بلوغ الغاية.
وبما أنّ هذا المعنى هو عين ما يستفاد من أيّ قيد من قيود الموضوع عندما يفيد المفهوم، فإنّه يسمّى مفهوم الغاية مسامحةً، وإن لم يكن هذا المعنى في الحقيقة هو مفهوم الغاية، بل هو المدلول الالتزامي لكون الحكم مغيّىً.
والحال أنّ الغاية إذا كانت غاية للمتعلّق لم يلزم منها ذلك، بل غاية الأمر أن ينتفي متعلّق الحكم ببلوغ الغاية، وهذا لا ينافي أن يستمرّ الحكم متعلّقاً بمتعلّق آخر.
والفرق بين أن نعتبر انتفاء الحكم بانتفاء الغاية ـ في صورة كون الحكم مغيّى ـ مدلولاً التزاميّاً للغاية أو أن نعتبره مفهوماً لها، يظهر في أنّ الصورة الأُولى إذا تعارض فيها هذا المعنى مع مفهوم آخر مثل مفهوم الشرط، فينبغي تقديم مدلول الغاية الالتزامي على المفهوم، وذلك من باب تقدّم المنطوق على المفهوم، وأمّا في الفرض الثاني فلا يتقدّم أيّ من المفهومين على الآخر.
ثمّ إنّ المحقّق الحائري بعد أن اختار في البداية القول بالتفصيل بين غاية الحكم وغاية الموضوع كالمحقّق الخراساني، رجع عن هذا المبنى نهاية وقال: «يمكن أن يقال بمنع المفهوم حتّى فيما أُخذ فيه الغاية قيداً للحكم ـ كما في: «اجلس من الصبح إلى الزوال» ـ لمساعدة الوجدان على أنّا لو قلنا بعد الكلام المذكور: «وإن جاء زيد فاجلس من الزوال إلى الغروب»، فليس فيه مخالفة لظاهر الكلام الأوّل. فهذا يكشف عن أنّ المغيّى ليس سنخ الحكم من أيّ علّة تحقّق، بل السنخ المعلول لعلّة خاصّة، سواء كانت مذكورة ـ كما في: «إن جاء زيد فاجلس من الصبح إلى الزوال» ـ أم كانت غير مذكورة، فإنّه مع عدم الذكر أيضاً تكون لا محالة هنا علّة يكون الحكم المذكور مسبّباً عنها.»[1]
ولكن من الواضح أنّ الغاية في المثال الذي طرحه هي غاية للمتعلّق دون الحكم. على أنّ معرفة كون قيد من قيود الحكم مفيداً للمفهوم أو لا، تحتاج إلى اعتبار سائر القيود ثابتة ثمّ الاقتصار في الفرض على انتفاء ذلك القيد خاصّة، وإلّا لم ينسب كون القضيّة مفيدة للمفهوم أو غير مفيدة له إلى انتفاء ذلك القيد وحده.