« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/11/14

بسم الله الرحمن الرحیم

نقد مدعی الشيخ و المحقق العراقي/ مفهوم الغاية/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الغاية/نقد مدعی الشيخ و المحقق العراقي

 

قد تقدّم في الجلسة السابقة بعض ما يرد من النقد على دعوى الشيخ الأعظم.

وأمّا ما ذكره بالنسبة إلى مقتضى الأصل، فهو محلّ إشكال أوّلاً: بأنّه لا يوجد أصل موضوعي بعنوان «أصل عدم الدخول» في مقام بيان المراد الاستعمالي.

وثانياً: أنّ المعلوم بالوجدان هو التباين المفهومي بين الغاية والمغيّى، فإذا علم وجداناً عدم دخول الغاية موضوعاً في المغيّى، فلا يبقى مجال للنزاع أصلاً؛ وذلك لأنّه إذا تعلّقت الغاية بالحكم، كانت نتيجة الدعوى واضحة، وإذا تعلّقت بالموضوع أو المتعلّق، تحقّق الخروج الحكمي تبعاً لخروج الغاية عن المغيّى في موضوع الحكم أو متعلّقه.

وثالثاً: أنّ «أصالة الحقيقة» إنّما هي أصل لفظي يحرز به ما استعمل فيه اللفظ ولا يكشف عن الحكم الشرعي مباشرة ولو كانت الغاية متعلّقة بنفس الحكم الشرعي دون موضوعه أو متعلّقه. وعليه فإنّ التمسّك بهذا الأصل لا ينسجم مع دعواه السابقة من أنّه معلوم وجداناً أنّ الغاية خارجة عن المغيّى، لأنّ إحراز خروج الغاية عن المغيّى بالوجدان يرفع موضوع التمسّك بالأصل اللفظي ولا يترك مجالاً له.

وأمّا في خصوص حجّة القول الثالث فقد ذكر صاحب الهداية أنّه استدلّ على التفصيل المذكور أوّلاً: بأنّه إذا اتّحد جنس الغاية والمغيّى، کان القول بخروج الغاية عن المغيّى تحكّماً، وثانياً: بأنّ امتثال المأمور به وإتيانه على وجه التمام في هذه الصورة يتوقّف على دخول الغاية في المغيّى، وثالثاً: بأنّ العرف يفرّق بين فرض وجود الاختلاف بين الغاية والمغيّى وبين فرض عدم الاختلاف بينهما.

ثمّ قال في مقام الإشكال على هذه الاستدلالات الثلاثة: إنّ الاستدلالين الأوّل والثالث ليسا إلّا مجرّد دعوىً لا دليل عليها، فلا نقبلهما.

وأمّا الاستدلال الثاني فإنّه فضلاً عن كونه خلاف المدّعى ـ إذ يقتضي عدم دخول الغاية في المغيّى من حيث هي، بل من جهة مقدّميّتها للامتثال ـ يستلزم دخول جزء من الطرفين ـ أي الابتداء والانتهاء ـ في المأمور به حتّى في غير المتجانسين. بل قد يفضي هذا الاستدلال إلى نتيجة معكوسة في بعض الموارد، كما إذا كانت يد الشخص مقطوعة من المرفق حيث لا يبقى موضوع لغسل المرفق أصلاً، إذ مع انتفاء ذي المقدّمة ينتفي وجوب المقدّمة، بخلاف ما لو اعتبر دخول المرفق في المغسول بالأصالة لا بلحاظ كونه مقدّمة. [1]

والحقّ في المقام ما ذهب إليه صاحب الهداية ولا وجه للتفصيل بين الغاية المجانسة للمغيّى والغاية غير المتجانسة معه.

أمّا القول الرابع فهو للمحقّق العراقي حيث قال: «إن كانت مثل: «حتّى» فالظاهر ظهورها في دخول مدخولها في المغيّی، مثل: قوله: «أكلت السمكة حتّى رأسها» و«صوموا حتّى الليل».

وأمّا لو كانت مثل: «إلى» فالظاهر عدم دلالتها على دخول المدخول في المغيّی وتفارق من تلك الجهة كلمة «حتّى».»[2]

وقد مال الميرزا النائيني أيضاً إلى هذا التفصيل فقال: «قد اختلفوا فيها من حيث دخول الغاية في حكم المغيّی وعدمه على أقوال... رابعها: التفصيل بين كون الغاية مدخولة لكلمة «إلى» ومدخولة لكلمة «حتّى».

وهذا التفصيل وإن كان حسناً في الجملة ـ لأنّ كلمة «حتّى» تستعمل غالباً في إدخال الفرد الخفيّ في موضوع الحكم، فتكون الغاية حينئذٍ داخلة في المغيّی لا محالة ـ لكن ذلك ليس بنحو الكلّيّة والعموم، فلابدّ من ملاحظة كلّ مورد بخصوصه والحكم فيه بدخول الغاية في حكم المغيّی أو عدمه.»[3]

ولكن يشكل علی هذه الدعوی ـ كما أفاد السيّد الخوئي والسيّد الخميني[4] [5] ـ بأنّ منشأها الخلط بين استعمال لفظ «حتّى» كأداة غاية وبين استعماله كأداة عطف، فإنّ كلّ مورد استعملت فيه «حتّى» لإدراج فرد خفيّ في موضوع الحكم، يكون من موارد استعمالها كأداة عاطفة لا كأداة غاية. وعليه فلا وجه للتفريق بين مدخول «إلى» و«حتّى» من حيث كونهما أداتي غاية.


logo