46/11/05
بسم الله الرحمن الرحیم
المعنی المراد من الغاية/ مفهوم الغاية/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الغاية/ المعنی المراد من الغاية
مفهوم الغاية
من الأنسب قبل الخوض في البحث المتعلّق بالغاية أن نتعرّض لمعناها المراد في هذا السياق.
وقد ذكر صاحب الهداية في بيان المعنى المقصود من الغاية في هذا الموضع: «إنّ الغاية قد يطلق ويراد بها فائدة الشيء وثمرته، كما يقال في أوائل العلوم بعد تعريف العلم وبيان موضوعه: «إنّ غايته كذا».
وقد يطلق ويراد بها تمام المسافة زماناً أو مكاناً، كما في قولهم: «من» لابتداء الغاية، و«إلى» لانتهائها.
وتوجيهه بأنّ المراد أنّها لإفادة كون مدخولها غاية ونهاية كما ترى، وكان منه قوله(ع): «هو قبل القبل، بلا غاية ولا منتهى غاية»، وقوله: «انقطعت عنه الغايات».
وقد يطلق على ما دخلت عليه أداة الغاية، ولذا يعبّر عن دخوله في المغيّی أو خروجه بدخول الغاية وخروجها.
وقد يطلق على نهاية الشيء بمعنى الجزء الأخير منه الذي يمتدّ ذلك الشيء إليه بنفسه أو بحسب محلّه أو زمانه أو مكانه، فيدخل فيه وإن قلنا بخروج ما بعد الأداة، كما تقول: «غاية مرامي ومنتهى مقصدي كذا»، و«غاية ما في الباب كذا» مع احتمالها للمعنى الثاني.
وقد يطلق على حدّه الخارج عنه المتّصل بآخره وإن قلنا بدخول ما بعد الأداة، كما قد يقال: «غايات الدار لنهاياتها» ويراد بها حدودها، وكان منه قوله(ع): «هو غاية كلّ غاية».
ومثله قولك: «يا غاية أمل الآملين، ورجاء الراجين، ورغبة الراغبين، ومطلب الطالبين، ومنى المحبّين» وما أشبه ذلك يريد بذلك انتهاءها إليه...
والذي يقتضيه التحقيق والنظر الدقيق: أنّ معنى الغاية والآخر والنهاية بحسب أصلها وحقيقتها إنّما يقع فيما بين الجزءين المذكورين الداخلي والخارجي، فليس شيء منهما بحقيقته غاية الشيء المستمرّ وآخره ومنتهاه. وكذا الحال في المبدأ، فإنّه يقابل المنتهى.
فحقيقتهما حينئذٍ أمران موهومان اعتباريّان منتزعان من طرفي الشيء الممتدّ، كالسطح المتوهّم بين الجسمين، فيدخل ما بعد الأداة فيما بعد الغاية بالمعنى المذكور على القول بخروجه عن المغيّی، وفيما قبلها على القول بدخوله.
وحيث إنّ الأمر الاعتباري المذكور بعيد عن فهم العرف ولا يترتّب عليه بنفسه كثير فائدة، فلا جرم كان المنساق من لفظ «الغاية» ومن أداتها أحد الجزءين المتّصلين به، وعليه جرت الاستعمالات الشائعة، لكونه أقرب المجازات إلى الحقيقة، ويتساوى نسبتهما إليه من حيث نفسه، إلا أنّه قد يغلب الاستعمال في أحدهما فيحمل المطلق عليه، ومنه نشأ الخلاف في الدخول والخروج، فليس الاستعمال في شيء منهما بحسب الأصل واقعاً على حقيقته.»[1]
وللشيخ الأنطاري أيضاً كلام في هذا الشأن سنذكره في الجلسة القادمة إن شاء الله.