« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

قول الشيخ في رد دعوی العلامة – التفصيل الثاني/ مفهوم الوصف/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ قول الشيخ في رد دعوی العلامة – التفصيل الثاني

 

قال الشيخ في ردّ دعوى العلّامة من التفصيل بين الوصف ذي العلّيّة وغيره: «إنّ مجرّد العلّيّة إنّما يقضي بعدم التخلّف في موارد الوجود كما في منصوص العلّة، وأين ذلك من الانتفاء عند الانتفاء المطلوب في المقام؟

اللهمّ إلا أن يقال بأنّه يلزم ذلك فيما لو علم انحصار العلّة؛ وهو كذلك إلا أنّه خروج عن محلّ النزاع، فإنّ الكلام مع قطع النظر عن القرائن المفيدة للمفهوم مثل الأوصاف الواقعة في الحدود والتعاريف، حيث إنّها يقصد بها الإصلاح طرداً وعكساً الملازم لإرادة المفهوم كما لا يخفى.»[1]

والحقّ ما ذكره الشيخ في هذا الجواب، فإنّ ما ادّعاه العلّامة في الواقع يرجع إلى الاستدلال الثاني للقائلين بإفادة الوصف للمفهوم مطلقاً.

وأمّا ما ادّعاه الشيخ من أنّه فيما إذا كانت العلّة منصوصه، يمكن القول بانتفاء الحكم بانتفائها، فوجهه أنّ العرف يفهم من مثل قول الشارع: «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر» أنّ الإسكار علّة تامّة للحكم بالتحريم، فإذا انتفى الإسكار، انتفى الحكم. كما أنّ هذا النحو من العلل يستلزم سريان الحكم إلى سائر الموارد التي توجد فيها العلّة المنصوصة.

والحال أنّ هذه الحالة لا توجد في غير العلل المنصوصة، فإنّ العلّيّة فيها قد تكون ناقصة. فإذا أُريد الاستدلال على انتفاء الحكم بانتفاء العلّة في مثل هذه الموارد، فلابدّ من إثبات أنّ علّيّة منحصرة بحيث لا يوجد بديل آخر يمكن أن يقوم مقامه في التأثير.

التفصيل الثاني: يستفاد من ظاهر كلام الفخر الرازي في تفسيره أنّه يرى الوصف مفيداً للمفهوم إلّا إذا ذُكر بعنوان قيد غالبي؛ فقد قال في تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِكُمْ﴾[2] في بيان وجه عدم دلالة الآية على المفهوم ما نصّه: «روى مالك بن أوس بن الحدثان عن علي أنّه قال: الربيبة إذا لم تكن في حجر الزوج وكانت في بلد آخر ثمّ فارق الأُمّ بعد الدخول، فإنّه يجوز له أن يتزوّج الربيبة، ونقل أنّه... احتجّ على ذلك بأنّه تعالى قال: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِی فِی حُجُورِكُمْ﴾ شرط في كونها ربيبة له كونها في حجره، فإذا لم تكن في تربيته ولا في حجره، فقد فات الشرط، فوجب أن لا تثبت الحرمة. وهذا استدلال حسن.

وأمّا سائر العلماء فإنّهم قالوا: إذا دخل بالمرأة حرمت عليه ابنتها، سواءً كانت في تربيته أو لم تكن، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾‌، علّق رفع الجناح بمجرّد عدم الدخول، وهذا يقتضي أنّ المقتضي لحصول الجناح هو مجرّد الدخول.

وأمّا الجواب عن حجّة القول الأوّل فهو أنّ الأعمّ الأغلب أنّ بنت زوجة الإنسان تكون في تربيته، فهذا الكلام على الأعمّ، لا أنّ هذا القيد شرط في حصول هذا التحريم.»[3]

كما يمكن استفادة مضمون قريب من هذا في كلام العلّامة حيث قال: «ولا يفيد التخصيص بالذكر التخصيص في الحكم في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ﴾[4] ولا في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا﴾[5] الآية، لأنّ التخصيص هنا للعادة.»[6]

وسنستكمل بقيّة التفصيلات والنقاش المتعلّق بها في الجلسة القادمة إن شاء الله تعالى.


logo