« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکال الثالث علی المحقق العراقي - التفصيل في إفادة الوصف للمفهوم/ مفهوم الوصف/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ الإشکال الثالث علی المحقق العراقي - التفصيل في إفادة الوصف للمفهوم

 

طرحنا في الجلسة السابقة إشكالين ممّا يرد على دعوى المحقّق العراقي.

والإشكال الثالث علی دعواه هو أنّه لا وجه لدعوى أنّ العرف يرى الوصف دخيلاً في ذات الموضوع، إذ العرف يفرّق بوضوح بين الوصف والموصوف ويرى لكلّ منهما حيثيّة متميّزة. فمع أنّ الوصف والموصوف قد يكونان متّحدين في الخارج من حيث الوجود إلّا أنّ العرف يدرك أنّ لهذا الموجود الواحد جهات متعدّدة، فيلاحظ مثلاً أنّ زيداً من حيث كونه عالماً يختلف عن زيد من حيث كونه عادلاً، وهكذا في سائر الأوصاف.

وعليه، فلا يصحّ القول بأنّ الفرق بين الوصف والموصوف يبتني على مجرّد التحليل العقلي، بل هو أمر مرتكز في الذهن العرفي أيضاً.

بل إنّه لو سلّمنا بما قاله المحقّق العراقي، للزم تعطيل التمسّك بإطلاق الدليل عند الشكّ في تقييد موضوعه بوصف معيّن؛ فمثلاً إذا قال المولى: «أعتق رقبة» وشككنا في أنّ المراد هل هو مطلق الرقبة أو الرقبة المؤمنة، فلا يمكن ـ بناءً على رأيه ـ نفي مدخليّة الإيمان في الموضوع بالتمسّك بالإطلاق، لأنّ الوصف عنده دخيل في ذات الموضوع، ومع فرض الاتّحاد بين الوصف والموصوف لا يكون التمسّك بالإطلاق إلّا تمسّكًا بإطلاق نفس الموضوع، وهو ممتنع عنده، وعدم إمكان الالتزام بهذا المعنی واضح لا يحتاج إلى مزيد استدلال.

نعم، لو دار الأمر بين كون الوصف المذكور في الكلام قيداً احترازيّاً أو توضيحيّاً، فالأصل يقتضي كونه احترازيّاً، ولكن غاية ما يثبت بهذا الأصل هو أنّ التقيّد به داخلي، أي أنّ الحكم لا يترتّب إلّا على الموضوع بما هو مقيّد بذلك الوصف. وأمّا كون الوصف جزءاً من ذات الموضوع وداخلاً في حقيقته، فذلك أمر آخر لا يثبته مجرّد كونه احترازيّاً.

لا يُقال: إنّ التمسّك بالإطلاق في مفهوم الشرط لإثبات الانحصار العلّي كان هو أيضاً تمسّكاً بإطلاق مقامي أو أحوالي، فما الفرق بينه وبين التمسّك بالإطلاق الذي ذكره المحقّق العراقي؟

لأنّا نقول: إنّ التمسّك بالإطلاق في مفهوم الشرط إنّما يكون بعد إثبات أصل علّيّة الشرط للحكم وضعاً. بينما يری المحقّق العراقي أصل علّيّة كلّ قيد للحكم وانحصارها مفروغاً عنه، والتمسّك بالإطلاق عنده ليس لإثبات الانحصار، بل لإثبات أنّ الحكم المذكور في القضيّة هو سنخ الحكم لا شخصه، أي أنّ جميع أفراد الحكم ترتبط بذلك القيد لا فرد خاصّ منه.

وقد سبق أن قلنا: إنّ انتفاء سنخ الحكم بانتفاء القيد لا معنى محصّلاً له إلّا إذا أُريد به تعليق الحكم على القيد بنحو تعليق المعلول على علّته المنحصرة. وفي هذه الصورة لا يكون الملاك لإفادة المفهوم سوی علّيّة القيد الانحصاريّة التي هي موجودة في جميع القيود بناءً علی دعوی المحقّق العراقي ولا اختصاص له بأداة الشرط أو غيرها.

 

المقام الثالث: التفصيل في إفادة الوصف للمفهوم

قد فصّل في دلالة الوصف علی المفهوم تفصيلات نذكر منها ما يلي:

التفصيل الأوّل: ذهب العلّامة إلى التفصيل في إفادة الوصف للمفهوم، فمع أنّه لا يرى أنّ الوصف مفيد للمفهوم على إطلاقه، إلّا أنّه يرى دلالته على المفهوم في صورة خاصّة وهي ما إذا كان الوصف علّة للحكم. وقد صرّح بذلك في عبارته حيث قال: «إن كان الوصف علّة، لزم من نفيه نفي الحكم تحقيقاً للعلّية.»[1]

وقد أجاب الشيخ على هذه الدعوى بما سندرسه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo