46/10/14
بسم الله الرحمن الرحیم
إشکال علی التفصيل المحقّق العراقيّ – مشعرية الوصف لعليته للحکم/ مفهوم الوصف/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الوصف/ إشکال علی التفصيل المحقّق العراقيّ – مشعرية الوصف لعليته للحکم
تقدّم أنّ المحقّق العراقيّ ذهب إلى التفصيل بين الأوصاف.
غير أنّ التفصيل الذي ذكره في مقام الإشكال على ذلك الاستدلال بالتفريق بين أقسام الوصف، لا يرتبط بمسألة لغويّة ذكر الوصف عند عدم إفادته للمفهوم، بل يرجع إلى جهة مناسبة الحكم للموضوع، وهي جهة أجنبيّة عن محلّ النزاع.
على أنّ هذا التفصيل غير صحيح حتّى من هذه الجهة، لأنّ نفي المفهوم عن الوصف في موارد كالمثال المذكور، لا يستلزم وجوب إكرام الموصوف بما هو متّصف بصفة «الفسق» حتّى يقال بعدم مناسبة هذا العنوان مع وجوب الإكرام فيلزم حينئذٍ إثبات المفهوم للوصف، بل إنّ الموصوف إذا فقد صفة «العدالة»، قد يتّصف بأوصاف متعدّدة، كأن يكون فاسقاً من جهة وعالماً من جهة أُخرى، ووجوب الإكرام حينئذٍ قد يستند إلى وصف مناسب له كـ «العلم» لا إلى صفة «الفسق».
وعليه ينبغي القول في الجواب عن الاستدلال المذكور: إنّ عدم الالتزام بإفادة الوصف للمفهوم لا يستلزم ترتّب الحكم على ذات الموصوف بحيث يلزم من ذلك لغويّة ذكر الوصف، بل إنّ مدخليّة الوصف في منطوق القضيّة أمر لا يمكن إنكاره كما مرّ، فإنّ منطوق القضيّة ينتفي بانتفائه قطعاً.
وأمّا ترتّب حكم مماثل للحكم المذكور في القضيّة الوصفيّة على نفس الموصوف مقيّداً بوصف آخر في قضيّة أُخرى، لا يستلزم لغويّة ذكر الوصف في القضيّة الأُولى؛ إذ يمكن حينئذٍ القول بوجود قضيّتين مستقلّتين تتكفّل كلّ منهما من جهة خاصّة ببيان ترتّب الحكم على موصوف واحد؛ فلو قيل في إحداهما: «أكرم زيداً العادل» وفي الأُخرى: «أكرم زيداً العالم»، لم يكن ذكر قيد «العالم» في الثانية موجباً للغويّة ذكر قيد «العادل» في الأُولى، ولا العكس.
فالذي يوهم وجود هذا الإشكال هو تصوّر أنّ عدم إفادة الوصف للمفهوم يقتضي ترتّب الحكم المذكور في القضيّة على الموصوف بقيد اتّصافه بوصف مضادّ للوصف المذكور فيها حيث تكون لغويّة الوصف ـ بالنظر إلى أصل احترازيّة القيود ـ قطعيّة حينئذٍ في بعض الموارد التي سيأتي تفصيلها عند بيان الرأي المختار إن شاء الله، ولكنّ الواقع أنّ مجرّد عدم دلالة الوصف على المفهوم لا يستلزم شيئاً من ذلك كما تبيّن وجهه فيما سبق من المطالب.
الاستدلال الثاني: إنّ ذكر الوصف في الكلام يشعر بعلّيّته للحكم، ومعلوم أنّ المعلول ينتفي بانتفاء علّته.
علماً أنّ تماميّة هذا الاستدلال تتوقّف على كون علّية الوصف للحكم على نحو الانحصار.
وقد قرّر المحقّق الإصفهاني علّيّة الوصف للحكم بأنّه بعد القبول بأصل احترازيّة القيود، يكون لازم قيديّة الوصف لموضوع الحكم أنّه لا يمكن ترتّب الحكم على ذات الموضوع ما لم يتّصف بذلك الوصف، فيكون الوصف متمّماً لقابليّة القابل، ولا معنى للشرطيّة سوی ذلك.
كما قال في الاستدلال على كون علّيّة الوصف للحكم المذكور في القضيّة انحصاريّاً: لو لم يكن الوصف علّة منحصرة وكانت هناك علل أُخر في عرضه، لزم أن لا يكون الوصف بعنوانه هو علّة الحكم، بل يكون العلّة عنواناً جامعاً يشمل الوصف وغيره، وهو ما ينافي ظهور القضيّة الوصفيّة في كون هذا القيد بالخصوص هو الموجب للحكم.[1]
غير أنّه لا يمكن المساعدة على شيء من هذين الاستدلالين، وسيأتي بيان وجه الإشكال فيهما في الجلسة القادمة إن شاء الله.