« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/08/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 تشريک الأسباب في التاثير/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ تشريک الأسباب في التاثير

 

قال الشيخ الأعظم في المسألة التي طرحت في الجلسة السابقة: يقال في بعض الموارد أنّه يمكن تأثير كلا السببين، مثل أن يوصي أحد مالاً لزيد ثمّ يوصي بالمال ذاته لعمرو، حيث ذهب بعضهم في هذه الصورة إلى لزوم تنصيف المال بين زيد وعمرو، وقيل في توجيه ذلك: إنّ مقتضى القاعدة هو شراكة السببين في التأثير، ولذلك مادامت الشراكة ممكنة ـ مثل مورد الوصيّة ـ فينبغي القول بها، وإذا امتنعت ـ کما في مورد نكاح البنت من شخصين من قبل وليّين ـ فينبغي القول بسقوط السببين معاً.

غير أنّه أشكل على هذه الدعوى بعد ذلك وقال: بعدما تبيّن امتناع التأثير المستقلّ من قبل السببين، فينبغي الالتزام بأنّ المؤثّر هو القدر الجامع بينهما، وأفراد هذا القدر الجامع إنّما تؤثّر إذا لم يتحقّق فرد آخر منها سابقاً، وإذا تحقّق فردان في زمان واحد، فلا يمكن اعتبار أيّ منهما مؤثّراً، لأنّ كلّاً منهما يمنع من تأثير الآخر.

وأمّا القول بصحّة النكاح في صورة إجراء العقد من قبل وليّين في زمان واحد لزوج واحد فهو لأنّ السبب في الحقيقة هو القدر المشترك من العقدين ولا عبرة بخصوص وجود كلّ منهما، والقدر المشترك غير متعدّد، فلا دليل على عدم التأثير في هذا الفرض.[1]

أقول: إنّ ما ذكره في وجه عدم صحّة الوصيّة قول متين يمكن الالتزام به، غير أنّه لا وجه لما ذكره في صحّة عقد البنت في المثال الأخير، إذ وإن كان الأثر لطبيعة السبب غير أنّ الأثر يعود إلى الطبيعة بوجودها الخارجي لا الطبيعة بما هي هي، وعليه فتعدّد الأفراد يوجب تعدّد الأثر، من دون فرق بين هذا المورد ومورد الوصيّة.

ولو أمكن الالتزام بمقالة الشيخ للزم أن نقول فيما إذا عقد الأب بنته لرجل وعقدها جدّها لأبيها لرجل آخر: إنّ الأثر لكونه راجعاً إلى القدر المشترك من السببين وهذا القدر المشترك قد تحقّق ولا سبيل إلى التعدّد فيه، فقد تحقّق عقد الزوجيّة ولو لم نعلم أنّ طرفه هو الرجل الأوّل أم الثاني، فلا تكون البنت خليّة ونكاحها بعد ذلك يتطلّب أن يطلّقها الإثنان أو يموتا، وهذا واضح البطلان.

ثمّ تابع الشيخ كلامه في توجيه القول بالتشريك في أسباب التأثير وقال: «اللهمّ إلا أن يقال: إنّ بناء العرف والعقلاء على التشريك فيما يقبل ذلك، ونحن لم نحقّقه.

إلا أنّ التشريك في خصوص الوصيّة لا يبعد الالتزام به، لظهور الفرق بينها وبين عقد الوليّين على صيغة واحدة من شخصين، فإنّ تعدّد الوصايا وإنشائها إنّما يكون على وجه التعدّد والاستقلال لأشخاص متعدّدة من دون أولها إلى رجوع غير معقول، وحيث إنّ الموصي إنّما يكون في مقام الإفادة وليس لاغياً، فيصرف إلى إرادة التشريك، ولا يضرّ ذلك عدم صراحة اللفظ في التشريك لوسعة الدائرة في الوصيّة. نعم، لو كان ذلك في البيع لم يكن البيع نافذاً، لاشتراطهم صراحة اللفظ في عقد البيع وغيره من العقود.»[2]

وفيه: أنّه بعدما نفرض أنّ لكلّ سبب أثراً مستقلّاً، فلا وجه لدعوى بناء العرف والعقلاء على تشريك الأسباب في التأثير، وخلافاً لدعواه، فإنّ وصيّة الموصي الثانية لا تحمل عرفاً على إرادة التشريك بل على نسخ الوصيّة الأُولى.

كما أنّ وجه فساد البيع في الفرض الذي يبيع المالك ووكيله مالاً إلى شخصين ليس هو اشتراط صراحة اللفظ في البيع، بل وجهه هو ما تقدّم، وإلّا لزم أن نقول في البيع المعاطاتي بشراكة المشتريين في المبيع.

نعم، إذا کانت دلالة الوصيّتان على استقلال كلّ من الموصى لهما في تملّك الموصی به بإطلاقهما ولم تكن فيهما قرينة على نفي اشتراك شخص آخر فيه، أمكن القول بأنّ الإطلاقين يسقطان بالتعارض بينهما، فتتحقّق الشراكة بين الموصى لهما في الموصى به.


logo