46/08/05
بسم الله الرحمن الرحیم
مقتضى التحقيق في المقام/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ مقتضى التحقيق في المقام
مقتضى التحقيق في المقام أنّ نقول ـ علی نحو ما قاله المحقّق النائيني[1] ـ إنّه كما ينحلّ الحكم في القضايا الحقيقيّة بانحلال موضوعه إلى أحكام متعدّدة، فكذلك ينحلّ الحكم في القضايا الشرطيّة بانحلال شرطه إلى أحكام متعدّدة، لأنّ القضيّة الشرطيّة يمكن اعتبارها كقضيّة حقيقيّة يكون الشرط دخيلاً في موضوعها.
هذا فيما إذا كان الشرط واحداً ذا أفراد متعدّدة.
وأمّا إذا كانت هناك شروط مختلفة الأجناس، فإنّ تعدّد الحكم بتعدّد الشرط مستفاد حينئذٍ من الظهور الوضعي للقضيّة الشرطيّة في أنّ للشرط المذكور في كلّ قضيّة سببيّة مستقلّة في ترتّب الحكم على الموضوع في الجزاء، ولا دخل لوجود شرط آخر متزامن معه أو سابق عليه في المسألة.
وأمّا فرق المقام و «الأمر بعد الأمر» ـ الذي سبق أن قلنا فيه بظهور الأمر الثاني في التأكيد دون التأسيس ـ فهو أنّه لا يوجد في موارد «الأمر بعد الأمر» تعدّد في السبب، بل هناك مجرّد تعدّد في الأمر، ولذلك فمع التمسّك بإطلاق المادّة فيها، يمكن الادّعاء بأنّ المطلوب في كلا الأمرين شيء واحد ممّا يترتّب وحدة الطلب وكون الأمر الثاني تأكيديّاً، بينما يعدّ تعدّد الأسباب في المقام قرينة على تعدّد الطلب.
إن قلت: إنّ تكرار الأمر في موارد «الأمر بعد الأمر» أيضاً يسبّب ظهوراً على خلاف إطلاق المادّة.
قلت: إنّ الظهور الناشئ عن تكرار الأمر ليس مبنيّاً على الوضع وإنّما هو ظهور سياقي لا يمنع من الأخذ بالظهور المبني على إطلاق المادّة، لكونه أضعف منه، بينما ظهور الشرط في سببيّته الاستقلاليّة لترتّب الحكم على الموضوع في الجزاء مبنيّ على وضع القضيّة الشرطيّة، فيكون بياناً على خلاف إطلاق الجزاء.
ثمّ إنّه قد يستدلّ على عدم التداخل بأنّه إذا حدث شرط وامتثل التكليف الناشئ عنه ممّا أدّی إلى سقوط التكليف، فإذا حدث فرد آخر من أفراد الشرط أو شرط من جنس آخر، فلا ريب حينئذٍ في توجّه تكليف جديد إلى المكلّف، فكذلك الحال في صورة عدم امتثال التكليف بعد حدوث الشرط الأوّل، إذ إنّ امتثال التكليف أو عدمه لا يكون دخيلاً في توجّه التكليف، لأنّه في رتبة سابقة عليه.
إلّا أنّه يشكل بأنّه وإن كان صحيحاً عدم مدخليّة الامتثال في توجّه التكليف الذي تمّ امتثاله، إلّا أنّه لا يستبعد أن يكون امتثال تكليف مّا دخيلاً في توجّه تكليف آخر إلی المكلّف، بمعنى أنّه إذا امتثل التكليف الأوّل، فإنّ ذلك يمنع من حمل التكليف الثاني على التأكيد، لأنّ التكليف قد سقط بالامتثال، فلم يبق موضوع للتأكيد، بينما في حال عدم امتثال التكليف المسبّب عن السبب الأوّل، يمكن حمل التكليف المسبّب عن السبب الثاني على التأكيد.