46/08/04
بسم الله الرحمن الرحیم
تتمة المناقشة في إستدلال المحقّق الخراسانيّ/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ تتمة المناقشة في إستدلال المحقّق الخراسانيّ
اتّضح من كلمات الميرزا النائيني التي تقدّمت في الجلسة السابقة أنّه يری أنّ القضيّة في العامّ الشمولي بما أنّها تنحلّ بعدد أفراد العامّ، فيمكن القول بأنّ موضوع الحكم فيه هو كلّ فرد من أفراد العامّ، فيتأكّد الحكم في مورد الاجتماع، ولكن بما أنّ القضيّة لا تنحلّ في العامّ البدلي وموضوع الحكم فيه هو الطبيعة دون أفراد العامّ، فلا وجه للقول بتأكّد الحكم في مورد الاجتماع فيه.
أقول: إنّ أصل إشكال المحقّق النائيني علی عدم تأكّد الحكم في مورد الاجتماع، وارد على دعوى المحقّق الخراساني، ويمكن أن نضيف إليه أنّه لو تمّت دعوى المحقّق الخراساني، لوجب الالتزام بأنّ الحكم المجعول في الدليلين ـ اللذين تكون النسبة بين موضوعي حكميهما العموم من وجه ـ تأكيدي في مورد الاجتماع وتأسيسي في غيره، وهو ما لا يمكن الالتزام به مع وحدة الدليل.
وأمّا الفرق الذي اعتبره المحقّق النائيني بين العامّ الشمولي والبدلي فليس فارقاً مؤثّراً، لأنّ انحلال قضيّة مثل: «أكرم العلماء» بعدد أفراد العلماء في الخارج لا يجعل موضوع وجوب الإكرام هو الوجود الخارجي لزيد العالم بما هو، بل يتعلّق وجوب الإكرام به من حيث كونه عالماً.
وعليه فإذا قال في الدليل الثاني: «أضف الهاشميّين» وكان زيد هاشميّاً أيضاً فضلاً عن كونه عالماً، فإنّ انحلال هذه القضيّة بعدد الأفراد الخارجيّين من الهاشميّين لا يسبّب تأكّد وجوب إكرامه باستضافته، بل قد وقع شخص واحد موضوعاً لوجوبين للإكرام من جهتين وإن أمكن امتثال كلا التكليفين بفعل واحد.
3 ـ إذا اعتبرنا انطباق العنوان على المصداق سبباً لتعلّق الوجوب بالمصداق ـ وهو مبنی المحقّق الخراساني كما تقدّم في بحث اجتماع الأمر والنهي ـ ففي هذه الحالة يكون انطباق عنوانين على مصداق واحد سبباً لتعلّق وجوبين به، ومع ذلك فإنّ الإشكال الذي حاول المحقّق الخراساني رفعه ـ أي اجتماع المثلين ـ يبقی قائماً.
والذي ذكره جواباً عن هذا الإشكال إن أُريد به أنّه على الرغم من انطباق عنوانين على مصداق واحد لا ينتزع منهما غير وجوب واحد، فهذا مشكل، لأنّه مع تعدّد منشأ الانتزاع يتعدّد المنتزع لا محالة. وإن کان مراده أنّ الوجوب الثاني مؤكّد للوجوب الأوّل، فهذا التوجيه يرجع إلى التوجيه الثالث.
4 ـ القول بجواز اجتماع الأمر والنهي لا يرفع الإشكال السابق، لأنّ القائلين بإمكان اجتماع الأمر والنهي إنّما يتّخذون هذا المبنى في فرض كون متعلّق الأمر والنهي عنوانين، وإلّا فمن المعلوم أنّه لا يمكن اجتماع الحکمين في عنوان واحد من جهة واحدة.
5 ـ إذا أُريد بتعلّق الحكم في الجزاء بفرد من أفراد العنوان أنّ متعلّق التكليف في الحقيقة هو الفرد دون الطبيعة، فقد تقدّم الإشکال عليه في البحث عن متعلّق التكاليف حيث قلنا بامتناع تعلّق التكليف بالفرد.
وإذا أُريد منه أنّ التكليف بالطبيعة قد تعلّق بوجودها الخارجي المتحقّق ضمن الفرد، فهذا وإن کان صحيحاً ولكنّ الالتزام به لا يُبقي وجهاً للتفصيل الذي ذکره المحقّق الخراساني، بل يمكن القول بأنّه بما أنّ متعلّق التكليف هو الطبيعة بوجودها الخارجي، فإنّ تعدّد الأسباب معناه أنّ إيجاد الطبيعة وقع مطلوباً للشارع في ضمن فردين منها، وفي هذه الحالة لا يوجد محذور اجتماع المثلين أيضاً.
وبعبارة أُخرى: إذا اعتبرنا متعلّق التكليف الطبيعة بما هي هي، فيمكن القول بأنّه لا يمكن تعلّق تكليفين بهذا المتعلّق، ولكن بما أنّه لا يعقل تعلّق التكليف بالطبيعة بما هي هي بل يتعلّق بها بوجودها الخارجي، فلا مانع من تعلّق تكليفين بعنوان واحد بحيث تختلف حيثيّة تعلّق كلّ منهما بالعنوان عن حيثيّة تعلّق الآخر به، بمعنى أن يستلزم كلّ تكليف إيجاد فرد من أفراد الطبيعة يختلف عن الفرد الذي يستلزم التكليف الآخر إيجاده.
إذن يمكن القول بأنّه لا مانع من تعلّق أكثر من تكليف بعنوان واحد حتّى لا نضطرّ إلی رفع الإشكال بتوجيهات المحقّق الخراساني.
نعم، هذا لا يعني أنّ الأصل في الأسباب هو عدم التداخل، بل غاية ما يمکن إثباته أنّ القول بعدم التداخل لا محذور فيه، إذ عندما نقول بعدم المحذور من عدم تداخل الأسباب، فلا وجه لاعتبار ظهور الجملة الشرطيّة في سببيّة الشرط مقتضياً لأن تكون الأفراد متعلّقاً للوجوب دون العنوان حتّى يدّعى أنّ الظاهر من الأدلّة هو عدم تداخل الأسباب.