« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

46/08/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 المناقشة في إستدلال المحقّق الخراسانيّ/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ المناقشة في إستدلال المحقّق الخراسانيّ

 

ما يتبيّن من كلام صاحب الكفاية ـ الذي مرّ ذكره في الجلسة السابقة ـ هو أنّه إذا قلنا بأنّ العنوان هو ما يتعلّق به الحكم بسبب حدوث الشرط في الجزاء، فإنّه سيؤدّي إلی إشكال اجتماع المثلين وسنضطرّ إلى رفع اليد عن ظاهر الدليل والقول بتداخل الأسباب. وأمّا إذا قلنا بأنّ الذي يكون حدوث الشرط المذكور في القضيّة الأُولى سبباً لتعلّق الحكم به في الجزاء المذكور في تلك القضيّة هو فرد من أفراد العنوان الواحد يختلف عن الفرد الذي تعلّق به الحكم في قضيّة أُخرى بسبب حدوث شرط آخر في تلك القضيّة، فحينئذٍ لن يحدث إشكال اجتماع المثلين. وبما أنّ القول الأوّل يتطلّب مخالفة الظاهر ولا يستلزم القول الثاني ذلك، فإنّ ظاهر القضيّة الشرطيّة هو عدم تداخل الأسباب.

ولكن يرد على كلامه إشكالات عدّة كما يلي:

1 ـ لا يمكن الالتزام بما طرحه في توجيهه الأوّل بناءً على القول بالتداخل، إذ لو كان المقصود من دلالة الجملة الشرطيّة على ثبوت الجزاء فقط هو أنّها ليست مطلقة في هذه الحالات كي يستفاد منها كون الشرط علّة منحصرة للجزاء، بل نتيجة دخول عدّة شروط على جزاء واحد هو أن يكون القدر الجامع بين الشروط المذكورة في عدّة قضايا هو الشرط المعتبر للجزاء، فإنّ الإشكال هو أنّ هذا الادّعاء إن كان قابلاً للالتزام، فإنّه إنّما يكون فيما إذا علمنا بأنّ هناك تكليفاً واحداً فقط، وإلّا فمع الشكّ في توجّه تكاليف متعدّدة إلی المكلّف، فلا وجه لمثل هذه الدعوی.

وإذا كان المقصود أنّ الجملة الشرطيّة في هذه الحالة ناظرة إلى مقام الإثبات دون مقام الثبوت ـ بمعنى أنّ وجود الشرط إنّما يوجب العلم بتحقّق الجزاء في الخارج وليس سبباً له ثبوتاً حيث تقدّم أنّ الجملة الشرطيّة لا إطلاق لها حينئذٍ لتدلّ على کون الشرط علّة منحصرة للجزاء ـ ففيه: أنّ هذا الكلام منحصر إمكانه بالجمل الشرطيّة الخبريّة، ولا يمكن حمل الجملة الشرطيّة الإنشائيّة على أنّها ناظرة إلى مقام الإثبات.

وإذا كان المراد أنّ الجملة الشرطيّة بمعنی الجملة الحمليّة في الواقع، فإنّ الإشكال هو أنّه لا يوجد وجه لاستعمال القضيّة الشرطيّة بمعنى الجملة الحمليّة، لأنّ ذكر الشرط سيلغو حينئذٍ.

اللهمّ إلّا إذا أُريد منه أنّ الجملة الشرطيّة إنّما تدلّ على كفاية صرف وجود الشرط لتحقّق الجزاء بحيث يتحقّق الجزاء مع حصول أوّل فرد من الشرط ولا تأثير لحدوث الشروط الأُخرى في تحقّق الجزاء. وهذا كما قاله المحقّق الخراساني مخالف لظاهر القضيّة الشرطيّة وسيأتي تفصيل ذلك تباعاً وفي الإجابة التي قدّمها المحقّق الإصفهاني على دعوی ابن إدريس إن شاء الله.

2 ـ التوجيه الثاني الذي قدّمه بناءً على القول بتداخل الأسباب يعود في الواقع إلى تداخل المسبّبات دون تداخل الأسباب، لأنّه بناءً عليه قَبِل بأنّ هناك تكاليف متعدّدة تتوجّه إلى المكلّف، ولكن امتثالها جميعاً يتحقّق بمصداق واحد من المكلّف به. نعم، ظاهر كلامه أنّه ذهب إلی کونه من موارد تأكيد الحكم في مورد الاجتماع وقال بأنّه لا يتحقّق بفعل واحد أكثر من امتثال واحد.

غير أنّ الميرزا النائيني قال في إشكاله على هذا الادّعاء: تأكّد الحكم إنّما يمكن فيما إذا تعلّق الحكمان بمورد الاجتماع نفسه ـ كما لو كان متعلّقا الحکمين عامّين شموليّين ـ ولكن إذا كانا عامّين بدليّين فلا معنى لتأكّد الحكم في مورد الاجتماع، لأنّ متعلّق الطلب في العموم البدليّ هو الطبيعة التي لا دخل فيها للخصوصيّات الفرديّة، وبالتالي فإنّ الفرد المأمور به ليس متعلّقاً للتكليف بخصوصه حتّى يتأكّد الطلب بتعلّق أمرين به، وکفاية الإتيان به عن كلا الأمرين في مقام امتثال الأمر بالطبيعة إنّما هو مقتضى الترخيص في التطبيق المستفاد من إطلاق الكلام.[1]

ونترك مناقشة ادعاء المحقّق النائيني إلى الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo