« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 إمکان تکرار الجزاء/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ إمکان تکرار الجزاء

 

المقدّمة الثالثة: ادّعي أنّ مورد البحث عن تداخل الأسباب إنّما هو فيما إذا أمكن تكرار الجزاء، وإلّا إذا كان الجزاء من الأُمور التي لا تقبل التكرار ـ كالقتل ـ فلا وجه للبحث عن تداخل الأسباب.[1] [2]

ولكن من الواضح أنّه مشكل، لأنّ عدم إمكان تكرار الجزاء في الخارج لا علاقة له بسببّبة كلّ سبب مستقلّاً، وتمكن دعوی أنّ لكلّ واحد من الأسباب سببيّة مستقلّة يتوجّه بكلّ منها إلى المكلّف تكليف على حدة، ولكن بما أنّه لا يمكن امتثال كلّ تكليف مستقلّاً بسبب زوال موضوع التكليف الثاني بامتثال أحدها، فالمسبّبات تتداخل قهراً أو ينتفي موضوع التكليف الثاني؛ فمثلاً إذا قال المولى: «إذا قتل مسلم مسلماً ظلماً وطلب وليّ دم المقتول القصاصَ فاقتصّ من الجاني» فإذا قتل شخص مسلمين، فيمكن أن يقال بأنّ كلّ قتلة سبب مستقلّ لوجوب قصاصه، ولكن بما أنّه لا يمكن تكرار الجزاء، فالمسبّبات تتداخل قهراً ويمتثل كلا الأمرين بفعل واحد.

نعم، فصّل المحقّق النائيني بين الجزاء غير القابل للتكرار الذي يمكن تقييده ـ مثل القتل قصاصاً المقيّد بمطالبة وليّ الدم ولا يزول حقّ وليّ الدم الثاني بعفو الأوّل منهما للجاني، أو في مثل حقّ الخيار المقيّد بسبب الخيار والذي لا ينتفي من جهة لانتفائه من الجهة الأُخرى ـ وبين الجزاء غير القابل للتكرار الذي لا يمكن تقييده ـ مثل القتل حدّاً الذي لا يمكن سقوطه ولابدّ من الالتزام بتأكّد الحكم باجتماع أسبابه ـ وقال: إنّ البحث عن تداخل الأسباب في الأوّل وجيه بخلاف الثاني.[3]

ولكن أشكل عليه السيّد الخميني وقال: إنّ أُموراً من قبيل الخيار والقصاص إمّا أن تكون شيئاً واحداً لا تتطرّق إليه الجهات المتعدّدة، وإمّا أن تشتمل على جهات متعدّدة بتعدّد الأسباب ـ بمعنى أنّ خيار المجلس مثلاً عنوان يختلف عن عنوان خيار الحيوان ـ وإمّا أن تكون أُموراً كلُيّة تقبل الانطباق على أفراد عديدة. فعلى الأوّل لا يمكن بقاؤها من جهة وسقوطها من جهة أُخرى، كما أنّ البحث في الثاني عن تداخل الأسباب منتفٍ لانتفاء موضوعه، لأنّه إنّما يرد فيما إذا كان الجزاء عنواناً واحداً. والصورة الثالثة خلاف الفرض، لإمكان تكرار الجزاء فيه خارجاً.[4]

غير أنّه قد يقال في جواب هذا الإشكال: يمكن افتراض أنّ الجزاء عنوان واحد يسبّب تعدّدُ الأسباب تعلّقَ تكاليف عديدة به، حيث يمكن سقوط التكليف المتعلّق بالعنوان من حيث أحد الأسباب وإبقاؤه من حيث الأسباب الأُخری وإن لم يوجد لهذا العنوان الكلّي في الخارج سوی فرد واحد.

وعليه فينبغي أن يقال في الإشكال على دعوى المحقّق النائيني: إنّ إمكان إسقاط الجزاء من جهة وإبقائه من أُخرى أو عدم إمكان ذلك، لا علاقة له ببحث تداخل الأسباب، بل بمجرّد أن يمكن افتراض تطرّق جهات عديدة في الجزاء الذي لا يمكن تحقّقه خارجاً إلّا ضمن فعل واحد ـ مثل إمكان قتل شخص حدّاً من حيث المحاربة والارتداد ـ فيمكن طرح البحث حينئذٍ عن تداخل الأسباب وعدمه.


logo