46/07/10
بسم الله الرحمن الرحیم
جواب السيد الخميني عن مدعی الميرزا النائيني - تداخل الأسباب والمسبّبات/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ جواب السيد الخميني عن مدعی الميرزا النائيني - تداخل الأسباب والمسبّبات
تقدّم في الجلسة السابقة أنّه ـ خلافاً لدعوى المحقّق النائيني ـ لا إطلاق في القضيّة الشرطيّة إلّا إطلاق واحد، وهو المقابل للعطف بـ «أو» النافي لوجود البديل للشرط، وفعليّة الجزاء بعد تحقّق الشرط مدلولٌ وضعي للقضيّة الشرطيّة ولا علاقة له بكون الشرط علّة تامّة للجزاء.
غير أنّ الذي ادّعاه المحقّق النائيني من تقدّم الإطلاق المقابل للعطف بالواو على الإطلاق المقابل للعطف بـ «أو» رتبةً فالظاهر أنّه بسبب أنّه يرى ضرورة إثبات كون الشرط علّة تامّة لتحقّق الجزاء على أساس الإطلاق الأوّل ثمّ إثبات عدم الشريك له على أساس الإطلاق الثاني في المرتبة اللاحقة، بينما لا علاقة بين عدم وجود بديل للشرط وبين تماميّة علّيّته، إذ جزء العلّة أيضاً كما قد يكون له بديل فقد لا يكون له ذلك، فلا فرق بينه و بين العلّة التامّة من هذه الجهة.
ولكنّ السيّد الخميني ادّعى في مقام الجواب على دعوى المحقّق النائيني بأنّ العلم الإجمالي بعدم قصد أحد الإطلاقين المذكورين، ينحلّ إلى علم تفصيليّ بعدم انحصار العلّة وشكّ بدويّ في الإطلاق المقابل للتقييد بالواو حيث قال: «إنّ العلم الإجماليّ بورود قيد ـ إمّا على الإطلاق من جهة نفي الشريك، وإمّا عليه من جهة نفي البديل ـ منحلّ بالعلم التفصيلي بعدم انحصار العلّة، إمّا لأجل تقييد الإطلاق من جهة البديل، وإمّا من جهة تقييده لأجل الشريك الرافع لموضوع الإطلاق من جهة البديل، فيشكّ في تقييد الإطلاق من جهة الشريك بدواً، فيتمسّك بأصالة الإطلاق.»[1]
وهذا الإشكال وارد على المحقّق النائيني بناءً على دعواه من تقدّم الإطلاق النافي للشريك على الإطلاق النافي للبديل رتبةً، إذ كما قال السيّد الخميني فهناك علم تفصيلي في هذه الصورة بانتفاء الإطلاق النافي للبديل إمّا من حيث انتفائه أو بسبب انتفاء شيء مقدّم عليه رتبةً الذي يستلزم انتفائه. ولكن بناءً على ما تقدّم منّا ـ من عدم تقدّم وتأخّر رتبي بين الإطلاقين ـ فالإشكال غير وارد، ولا يمكن القول بانحلال العلم الإجمالي بناءً عليه.
غير أنّه تابع كلامه بالردّ على الدعوى الآنفة فقال: «إنّ الانحلال ـ أينما كان ـ يتقوّم بالعلم التفصيلي بأحد الأطراف والشكّ في الآخر، كما في الأقلّ والأكثر، وفيما نحن فيه لا يكون كذلك، لأنّ العلم الإجمالي محفوظ، ومنه يتولّد علم تفصيلي آخر، وفي مثله يكون الانحلال محالاً، فيجب الرجوع إلى قواعد أُخر.»[2]
وفيه: أنّ العلم الإجمالي كما ينحلّ بواسطة تضمّن تحقّق أحد الطرفين لتحقّق الطرف الآخر ـ کموارد الأقلّ والأكثر ـ فكذلك ينحلّ فيما إذا استلزم تحقّق أحد الطرفين تحقّق الطرف الآخر ـ کالموارد التي تكون بين الطرفين علاقة من سنخ العلّيّة ـ ويمكن التمسّك بالأصل في الطرف الذي يكون في رتبة العلّة للآخر.
فالمتحصّل في نهاية الکلام أنّ الحلّ الأوّل هو الذي يمكن الالتزام به في هذا التنبيه.
التنبيه الثاني: تداخل الأسباب والمسبّبات
إذا ترتّب جنس واحد من الجزاء على شروط متعدّدة في قضايا متعدّدة، وعلمنا من الخارج أنّه ليس على عهدة المكلّف إلّا تكليف واحد بالنسبة إلى الجزاء ـ كالعلم بتكليف واحد بالنسبة إلى الصلوات اليوميّة ـ فلا إشكال في هذه الصورة.
ولکن إذا لم نعلم بذلك، فهل يقتضي الأصل أن يكون المترتّب علی الشروط المتعدّدة فرداً واحداً من الجزاء ولا يثبت على عهدة المكلّف إلّا تكليف واحد؟ ـ وبعبارة أُخرى: هل الأصل يقتضي تداخل الأسباب ـ أم أنّ الأصل على خلافه ويثبت على عهدة المكلّف بإزاء فعليّة كلّ شرط تكليفٌ على حدة؟ مثلاً إذا قيل «إذا شُفيتَ من المرض فتصدّق» وقيل في دليل آخر: «إذا نجحتَ في الامتحان فتصدّق» ثمّ تحقّق كلا الشرطين، فهل يتوجّه إلى المكلّف وجوبان يتعلّق كلّ منهما بفرد من الصدقة، أم لا يتوجّه إليه إلّا تكليف واحد؟
وإذا ما تحصّل من البحث أنّ الأصل عدم تداخل الأسباب، فيُطرح هناك بحث آخر وهو أنّه إذا ثبت على عهدة المكلّف تكليفان تعلّق كلّ منهما بفرد من مكلّفٍ به مستقلّ من جنس واحد، فهل يقتضي الأصل أن يمتثل الإثنان بامتثال واحد ـ وبعبارة أُخرى: هل الأصل تداخل المسبّبات ـ أم أنّ كلّ تكليف يستلزم امتثالاً مستقلّاً؟
وعليه فيلزم متابعة البحث في مقامين ممّا سنتطرّق إليه في الجلسات اللاحقة إن شاء الله.