« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الإشکال الثاني للمحقق الخوئي علی دعوی الميرزا النائيني/ تنبيهات مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ تنبيهات مفهوم الشرط/ الإشکال الثاني للمحقق الخوئي علی دعوی الميرزا النائيني

 

يقول السيّد الخوئي في بيان إشكاله الثاني على دعوى المحقّق النائيني: لا منافاة بين منطوق القضيّتين الشرطيّتين المذكورتين، بداهة أنّ إثبات الشيء لا ينفي ما عداه، ووجوب القصر في صورة خفاء الأذان لا ينافي وجوبه في صورة خفاء الجدران. كما لا منافاة بين مفهومهما أيضاً، لأنّ عدم وجوب القصر بعدم خفاء الأذان لا ينافي عدم وجوبه بعدم خفاء الجدران. وعليه فلا منافاة إلّا بين إطلاق مفهوم كلّ من القضيّتين مع منطوق الآخر ممّا ينبغي علاجه إمّا بالقول بتقييد إطلاق مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر ممّا يلزم منه التصرّف في منطوق القضيّتين من خلال رفع اليد عن إطلاقهما المقابل للعطف بـ «أو»، وإمّا أن نقول كالمحقّق النائيني بسقوط كلا الإطلاقين عن الحجّيّة ـ أي الإطلاق المقابل للعطف بواو والإطلاق المقابل للعطف بـ «أو» ـ وبما أنّ تقييد الإطلاق بورود المقيّد من الجمع العرفي، فلا يمكن الالتزام بالطريق الذي ذكره المحقّق النائيني بالرغم من أنّه يسبّب رفع التعارض بين الدليلين، لأنّه طريق غير عرفي.[1]

وفيما أفاده مواقع للنظر:

1 ـ إنّ المأخوذ في موضوع دليل وجوب القصر وجواز الإفطار، ليس المسافر بمفهومه العرفي وإنّما بمعناه الشرعي، أي الذي يخرج عن وطنه بمقدار المسافة الشرعيّة قاصداً لها. ويستفاد من الأدلّة أنّه ما لم يبتعد عن موطنه بمقدار المسافة الشرعيّة فلا يصدق عليه المسافر شرعاً، لا أن يطلق عليه هذا العنوان بمجرّد نيّة الابتعاد عن وطنه بمقدار المسافة الشرعيّة والخروج من الوطن. فلذا إذا قصد الشخص الابتعاد عن موطنه بمقدار المسافة الشرعيّة وخرج منه وتجاوز حدّ الترخّص ثمّ انصرف عن سفره قبل بلوغه المسافة الشرعيّة فعاد إلى موطنه، فعليه أن يصلّي تماماً في أثناء الرجوع، بينما ينبغي أن نقول بحسب مبنى السيّد الخوئي أنّ عليه القصر في الصلاة، لأنّ عنوان المسافر صادق عليه عرفاً بخروجه من بيته وقد تجاوز حدّ الترخّص.

2 ـ لو سلّمنا بدعواه في خصوص أخذ المسافر بمفهومه العرفي في موضوع دليل وجوب القصر وجواز الإفطار، فإنّ ذلك لا ينتج إمكانيّة إثبات جواز الإفطار ووجوب القصر بالتمسّك بإطلاق الدليل المذكور عند الشكّ في تحقّق الوصول إلى حدّ الترخّص مع خفاء الجدران أو خفاء الأذان، إذ هو من التمسّك بإطلاق الدليل في الشبهة المفهوميّة للمقيّد، بينما لا يمكن التمسّك بالإطلاق عند هذا الشكّ.

اللهمّ إلّا أن يقال في دفع الإشكال: عدم جواز الأخذ بالمطلق في هذه الموارد إنّما هو فيما إذا لم يكن للدليل المقيّد قدر متيقّن، وإلّا فمع وجوده ـ مثل خفاء الأذان مع خفاء الجدران في مورد المثال ـ جاز الأخذ بالمطلق في الموارد المشكوكة.

3 ـ المثال الذي ذكره لورود قضيّتين شرطيّتين لبيان حكم ابتدائي، مشكل، لأنّ الجزاء المذكور في القضيّتين ليس واحداً کما قلنا في صدر المسألة، ولا منافاة أصلاً بين القضيّتين ولا إشكال في أن يجب التصدّق عليه بخفاء الجدران وكذا بخفاء الأذان. نعم، إن قيل: فرض المسألة فيما إذا استفيد من دليل خارجي أنّ الواجب على المكلّف ليس إلّا صدقة واحدة، فحينئذٍ يمكن القبول بهذا المثال للدعوی.

4 ـ إنّ تقييد مفهوم كلّ من القضيّتين بمنطوق القضيّة الأُخرى لا يعني رفع اليد عن الإطلاق المقابل بـ «أو»، لأنّ رفع اليد عنه يسبّب انتفاء المفهوم من الأساس دون تقييده.

5 ـ إنّ الذي ادّعاه من أنّ مدعّى المحقّق النائيني وإن كان يسبّب الجمع بين الدليلين ولكن لا يمكن الالتزام به لكونه غير عرفي، واضح الإشكال، لأنّ دعوى المحقّق النائيني لا تسبّب الجمع بين الدليلين، وإنّما دعواه هي سقوط كلا الدليلين عن الاعتبار بعد عدم إمكان الجمع بينهما.


logo