« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 إستدلال الشهيد الصدر لإثبات مفهوم القضية الشرطية/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ إستدلال الشهيد الصدر لإثبات مفهوم القضية الشرطية

 

قال الشهيد الصدر في سياق ما ذكره عند عرض نظريّة يمكنها توجيه ما تقدّم:

إنّ الجملة الشرطيّة تتضمّن ثلاث دلالات مختلفة يتحصّل من مجموعها الدلالة على المفهوم، بما لا يتعارض مع المطالب الوجدانيّة الآنفة الذكر:

     الدلالة الوضعيّة على الربط بين الجزاء والشرط على نحو النسبة التوقيفيّة بمعنى مطلق الالتصاق العرفي وعدم الانفكاك بين الجزاء والشرط وإن كان هذا الالتصاق صدفةً واتّفاقيّاً.

وهذه الدلالة مأخوذة في مدلول أداة الشرط بشهادة الانسباق والتبادر العرفي.

     الدلالة الإطلاقيّة على أنّ المعلّق على الشرط هو طبيعي الحكم لا شخصه.

     الإطلاق الأحوالي للنسبة التوقيفيّة الذي يسبّب ثبوت هذه النسبة في جميع حالات الشرط وعدم اختصاصه بحالة معيّنة؛ فمثلاً عندما يقال: «أكرم زيداً إن جاءك» فهذه القضيّة تتضمّن إطلاقاً أحواليّاً يدلّ على ثبوت توقّف وجوب الإكرام على مجيء زيد في جميع الحالات، وفي قباله تقييد هذا الوجوب بحالة معيّنة مثل حال صحّة زيد، فيقال نتيجةً لذلك: «أكرم زيداً إذا جاءك مادام صحيحاً».

ويمكن تفسير جميع المطالب الوجدانيّة الأربعة المتقدّمة على أساس هذه الظهورات الثلاثة، لأنّ دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم، نتيجة لوجود جميع هذه الدلالات الثلاثة المذكورة، وإذا فقدت إحداها فلن تدلّ القضيّة على المفهوم وإن لم يكن استعمالها مجازاً في هذه الصورة، إذ استعمال الجملة الشرطيّة فيما إذا لم تكن هناك علّيّة بين الشرط والجزاء أو لم يكن الشرط علّة منحصرة للجزاء، ليس استعمالاً مخالفاً لوضع الجملة الشرطيّة. كما أنّه عندما توقّفت دلالة القضيّة الشرطيّة على الإطلاق، فإنّ التجزئة تتطرّق إليها، لأنّ الإطلاق يعني عدم ذكر القيد، وعليه فالإطلاق موجود بالمقدار الذي لم يذكر قيد، وثبوت القيد في مورد لا يسبّب إلّا هدم الإطلاق الذي يقابله.

وأمّا عدم دلالة الجملة الشرطيّة الخبريّة على المفهوم فهو لأنّ مفاد الجملة الخبريّة ليس نسبة واقعيّة خارجيّة، وإنّما نسبة حكميّة تصادقيّة لا موطن لها إلّا الذهن، لأنّ الموجود في الخارج ليس إلّا الوحدة والعينيّة بين «هذا» و«ذاك»، بينما الموجود في الذهن هو نسبة «هذا ذاك»، وقد تقدّم في بحث هيئة الجمل الإنشائية والإخبارية أنّ جميع النسب الخارجيّة ـ كالظرفيّة والابتدائيّة التي وُضعت الحروف والهيئات الناقصة بإزائها ـ فإنّ ما بإزائها في الذهن هي نسبة ناقصة تحليليّة، وكلّ نسبة استوطنت الذهن فهي نسبة تامّة وُضعت بإزائها الجملة التامّة.

وعليه فإنّ المعلّق على الشرط في: «إذا شرب زيد السمّ فسوف يموت» ليس موت زيد المتضمّن لنسبة خارجيّة ناقصة ـ أي نسبة عروض الموت لزيد ـ وإنّما نسبة تصادقيّة ذهنيّة بين الذات التي عرضها الموت وبين زيد، حيث إنّ هذه النسبة مدلول للجملة التامّة في الجزاء، أي النسبة الحكمية الإخباريّة. وعليه فالمعلّق على الشرط هو الإخبار عن موت زيد وليس موته الخارجي.

ولكنّ الجمل الشرطيّة الإنشائيّة وإن تضمّنت نسبة تامّة إنشائيّة هي النسبة الإرساليّة مثلاً ـ علماً بأنّ المعلّق على الشرط في هذه الجمل هي هذه النسبة لا النسبة الإرساليّة الخارجيّة ـ ولكن بما أنّ الحكم لا واقع له وراء الإنشاء والنسبة الحكميّة، فلابدّ من أن يدلّ انتفاء هذه النسبة الحكميّة الإنشائيّة بانتفاء الشرط على انتفاء الحكم في الواقع، لأنّ الفرض أنّ الحكم لا واقع له على غير أُفق الإنشاء، خلافاً للإخبار الذي يبقى فيه الواقع المخبَر به بانتفاء الإخبار أيضاً.[1]

وسنطرح نقد هذه المقالة في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo