46/06/27
بسم الله الرحمن الرحیم
إستدلال المحقق الخوئی لإثبات المفهوم و الإشکالات فيه/ مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ إستدلال المحقق الخوئی لإثبات المفهوم و الإشکالات فيه
2 ـ يقول السيّد الخوئي بناءً على المبنى الذي اتّخذه في معنى الإخبار والإنشاء: وُضعت الجملة الخبريّة للدلالة على قصد المتكلّم للحكاية والإخبار عن الواقع، ووُضعت الجملة الإنشائيّة للدلالة على قصد المتكلّم لإبراز أمر اعتباري نفساني. وعليه فإذا كانت الجملة الشرطيّة إخباريّة، فتفيد الدلالة على قصد المتكلّم للحكاية والإخبار عن ثبوت شيء في الخارج بناءً على تقدير شيء آخر فيه ولا تدلّ على قصد المتكلّم للحكاية بنحو مطلق، فبانتفاء الشرط ينتفي قصد الحكاية والإخبار أيضاً.
ولكنّ الجملة الشرطيّة بسبب دلالتها على أنّ اعتبار المتكلّم لم يكن مطلقاً بل كان علی تقدير خاصّ ـ أي تقدير وجود الشرط ـ فيلزم منها أن ينتفي الاعتبار بانتفاء الشرط، لأنّ اعتبار المولى إذا كان مقيّداً بحالة معيّنة، فيلزم منه عدم الاعتبار بانتفاء تلك الحالة، وهذه الملازمة بيّنة بالمعنى الأخصّ، إذ بمجرّد تصوّر عدم الإطلاق في اعتبار المولى يُنتقل إلى لازمه.[1]
وفيه أوّلاً: أنّ المعنى الذي ذكره للإخبار والإنشاء، غير تامّ حيث تقدّم بيان إشكاله سابقاً.
وثانياً: أنّه لو سُلّم بالمبنى الذي اعتمده أيضاً فلا يمكن القبول بدلالة الشرطيّة الإخباريّة على انتفاء قصد الحكاية بانتفاء الشرط، لأنّ القصد لا يقبل المشروطيّة وأمره دائر مدار الوجود والعدم، فلا تصحّ دعوی أنّ المشروط في الجملة الشرطيّة الإخباريّة هو الإخبار لا المُخبَر به.
وثالثاً: لو توقّف قصد الحكاية في الجملة الشرطيّة الخبريّة على الشرط، فانتفاء قصد الحكاية بانتفاء الشرط حينئذٍ ليس من مفهوم القضيّة، لأنّ المفروض أنّ قصد الحکاية منطوق الکلام، وسبق أنّ انتفاء المنطوق بانتفاء القيد المذكور في الكلام قطعيّ بحکم العقل ولا علاقة له بإفادة الكلام للمفهوم.
ورابعاً: لو سلّمنا بأنّ المشروط في الجملة الخبريّة هو قصد حكاية ثبوت النسبة في الخارج، فينبغي أن نلتزم في القضية الشرطيّة الإنشائية أيضاً بأنّ المشروط هو قصد المتكلّم لإبراز أمر اعتباري نفساني لا الاعتبار نفسه، فلن يدلّ انتفاء الشرط حينئذٍ على عدم الاعتبار، بل يدلّ علی عدم قصد المتكلّم لإبراز اعتباره النفساني ممّا لا يلازم عدمه.
خامساً: إنّ القول بكون عدم الاعتبار عند فقدان الشرط من لوازم مشروطيّة الاعتبار ودعوى أنّ هذه الملازمة بيّنة بالمعنى الأخصّ، من المصادرة على المطلوب، لأنّ ذلك مبنيّ على أن يكون الشرط علّة منحصرة للاعتبار، بينما نجد السيّد الخوئي قد نفى علّيّة الشرط للجزاء فضلاً عن کونه علّة منحصرة له. وبعبارة أُخرى: إذا نفينا کون الشرط علّة للجزاء ولم نعتبر الجزاء معلولاً له، فما وجه اعتبار الشرط علّة للاعتبار؟ وإذا لم يكن الشرط علّة منحصرة للاعتبار، فما وجه انتفاء الاعتبار بانتفائه؟
3 ـ ادّعى الشهيد الصدر أنّه لا طريق من البرهان لإثبات المفهوم للقضايا الشرطيّة، والسبيل الوحيد له التمسّك بالوجدان العرفي والانسباق وقال في بيان المسألة: نحن نجد من جهةٍ أنّه لا يمكن الالتزام بأيّ من السبل المطروحة لإثبات إفادة الجملة الشرطيّة للمفهوم وأنّها مشكلة جميعاً.
ولكن نجد من جهة أُخرى أوّلاً: أنّا نفهم بالوجدان أنّ الجمل الشرطيّة ذات الجزاء الإنشائي والتي لا يكون شرطها مقوّماً للموضوع، تفيد المفهوم.
وثانياً: أنّ دلالتها على المفهوم ليست بحيث إذا لم يكن لها مفهوم أن يكون استعمال أداة الشرط فيها مجازيّاً وبالعناية.
وثالثاً: إنّ دلالة الجمل الشرطيّة على المفهوم من سنخ الدلالة القابلة للتبعيض، بمعنى أنّه إذا ثبت بدليل خارجي أنّ هناك علّة أُخرى للحكم أيضاً مضافاً إلی الشرط المذکور في القضيّة، فإنّ مفهوم القضيّة لا ينتفي بالكلّ وإنّما يتبعّض ويظلّ على حاله بالنسبة إلى غير هاتين العلّتين، أي الشرط المذكور في القضيّة والعلّة الثانية التي ذكرها الدليل الخارجي.
ورابعاً: نعرف بالوجدان أنّه لا مفهوم في الجمل الشرطيّة التي يكون جزاؤها إخباريّاً؛ فمثلاً عندما يقال: «إذا أكلت السمّ متّ» فهو لا يدلّ على عدم الموت في صورة عدم أكل السمّ.
إذن ينبغي طرح نظريّة تستطيع تقديم تفسير لجميع الموارد المتقدّمة، وسوف نذكر نظريّته لاحقاً إن شاء الله.