« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 محاولات أُخرى لإثبات مفهوم القضيّة الشرطيّة و الجواب عنها/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ محاولات أُخرى لإثبات مفهوم القضيّة الشرطيّة و الجواب عنها

 

محاولات أُخرى لإثبات مفهوم القضيّة الشرطيّة

1 ـ قال المحقّق العراقي في إثبات المفهوم للقضيّة الشرطيّة: إطلاق قضيّة حمليّة مثل «أكرم زيداً» يقتضي ثبوت وجوب الإكرام في جميع الحالات المتصوّرة لزيد ممّا ينتج عنه نفي وجوب آخر لإكرام زيد في حالة خاصّة كالقيام أو القعود، إذ يلزم منه اجتماع المثلين في هذه الصورة. وبعد أن دخلت أداة شرط مثل «إن» على الجملة فيقال: «إن جاء زيد فأكرمه» فبما أنّ الوظيفة الوحيدة لأداة الشرط هي إناطة النسبة الحكميّة بالشرط مع أخذ إطلاقها بعين الاعتبار، فيلزم من ذلك قهراً أن ينتفي وجوب إكرام زيد بانتفاء مجيئه، لأنّ احتمال وجود وجوب آخر لإكرام زيد في غير حال مجيئه ينافي ما يقتضيه طبع الجملة ـ أي ثبوت وجوب إكرام زيد مطلقاً وفي جميع الحالات التي منها حالة عدم مجيئه ـ لأنّه يستلزم محذور اجتماع المثلين.[1]

غير أنّ إشكال هذا البيان واضح تماماً، لأنّ إشكال اجتماع المثلين ـ كما تقدّم كراراً ـ لا يتطرّق إلى هذه الموارد، وعليه فلا تصحّ دعوى أنّ إطلاق الجملة الحمليّة يقتضي نفي أيّ دليل آخر ترتّب فيه الحكم الموجود في القضيّة على حصّة خاصّة من الموضوع، إذ كما لا استبعاد في أن يتضمّن كلّ قضيّة ترتّب الحكم على الموضوع من جهة وحيثيّة واحدة فيقال في إحدى القضايا مثلاً: «أكرم زيداً العالم» وفي الثانية: «أكرم زيداً العادل»، فكذلك لا إشكال في أن يترتّب الحكم على طبيعة الموضوع في إحدى القضايا بحيث لا يكون لحيثيّة خاصّة منه دخلاً في الترتّب ويقال مثلاً «أكرم زيداً» ويترتّب في القضيّة الثانية على حصّة خاصّة من الموضوع وتكون حيثيّة خاصّة منه دخيلة في ترتّب الحكم نفسه على الموضوع، فيقال مثلاً: «أكرم زيداً الجائي»؛ هذا أوّلاً.

وثانياً: إنّ إطلاق الجملة الحمليّة لا يبقى على حاله بالنسبة إلى عدم الشرط بعد دخول أداة الشرط عليها، إذ لا يمكن القول بأنّ أداة الشرط في الجملة الشرطيّة المذكورة في المثال قد علّقت وجوب إكرام زيد على مجيئه في جميع الحالات ولو حال عدم مجيئه، بل إناطة الجزاء بالشرط يؤدّي إلى عدم إطلاق الجزاء بالنسبة إلى فقدان الشرط. وعليه فلو فرضنا التسليم بمدّعى منافاة إطلاق الجملة الحمليّة لثبوت حكم آخر للموضوع في حالة خاصّة أيضاً، فلا يمكن أن ندّعي بأنّه لا يثبت وجوب آخر لإكرام زيد في هذه الحالة بسبب أنّ وجوب إكرامه مطلق ولو بالنسبة إلى عدم مجيئه.

وثالثاً: لو سلّمنا بأنّ للجملة الحمليّة بعد ورود أداة الشرط نفس الإطلاق الذي كانت لها قبل ورودها، فينبغي القبول بأنّ هذا الإطلاق منوط بوجود الشرط، لأنّ أداة الشرط كما ترتّب المدلول الوضعيّ للجملة الحمليّة على الشرط، فهي كذلك بالنسبة إلى إطلاقها أيضاً. فلا تمكن دعوی أنّ إطلاق الجملة الشرطيّة ينفي ترتّب الحكم على أيّ حصّة أُخرى من الموضوع على فرض فقدان الشرط.


logo