« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 إشكالات السيد الخوئي علی دعوی الميرزا نائينی و الجواب عنها/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ إشكالات السيد الخوئي علی دعوی الميرزا نائينی و الجواب عنها

 

أورد السيّد الخوئي أيضاً ثلاثة إشكالات على دعوى الميرزا النائيني بالنسبة إلى الأخذ بالإطلاق الأحوالي:

1 ـ هذه الدعوى إن تمّت، لزم القول بوجود المفهوم في قضايا أُخرى مثل القضيّة الوصفيّة أيضاً، لأنّ الذي يثبت بالتمسّك بهذا الإطلاق هو مفهوم القيد بما هو قيد ممّا يشمل جميع أنواعه، سواء القيد الموجود في القضيّة الشرطيّة أو الوصفيّة أو غيرها.

والدليل عليه أنّه إذا ثبت حكم في قضيّة لموضوع مقيّد، فقيد القضيّة إمّا أن يكون مطلقاً لم يذكر له عِدل ـ مثل «أكرم العالم العادل» ـ أو ذُكر له عِدل في القضيّة ـ مثل «أكرم العالم العادل أو الهاشمي» ـ وبناءً على الإطلاق الذي تمسّك به المحقّق النائيني، فعند الشكّ في المثال الأوّل في أنّ وجوب إكرام العالم هل يكفي فيه وجود قيد غير العدالة أم لا، يمكن القول بأنّ مقتضى إطلاق القيد وعدم ذكر عِدل له في القضيّة هو انحصار قيد الموضوع في القيد المذكور في القضيّة.

وعليه فيمكن القول بأنّ وجود أيّ قيد للموضوع يؤدّي إلى ثبوت مفهوم للقضيّة وهذا لا يمكن الالتزام به.

2 ـ إنّ وحدة القيد التعيينيّة ونفي تعدّده وإن كان مقتضى إطلاق القيد في الكلام وعدم ذكر عِدل له، غير أنّ الإطلاق المذكور لا يقتضي انحصار الحكم بذلك القيد، بل غاية ما يدلّ عليه أنّ الحكم المذكور في القضيّة غير ثابت لطبيعة المقيّد مطلقاً من دون لحاظ قيده، وإنّما يختصّ بحصّة خاصّة منه.

وبعبارة أُخرى: فدلالة القضيّة على انتفاء الحكم بانتفاء قيد الموضوع يستلزم أن تتكفّل القضيّة بيان أنّ القيد المذكور فيها علّة منحصرة للحكم، بينما لا يلزم من الإطلاق المذكور إلّا عدم ثبوت الحكم لطبيعة الموضوع واختصاص الحكم بحصّة خاصّة منه، ولا يمكن أن نثبت به انتفاء الحكم بانتفاء حصّة خاصّة من الموضوع المذكور في القضيّة.

3 ـ الظاهر من القضيّة الشرطيّة أنّ المتكلّم إنّما هو في مقام بيان تأثير الشرط على نحو الاقتضاء ـ بمعنى عدم قصوره في حدّ ذاته عن التأثير ـ لا أنّه بصدد بيان مؤثّريّة الشرط الفعليّة حتّى يمكن إثبات انحصار المؤثّر الفعلي بذلك الشرط من خلال التمسّك بإطلاق القضيّة من حيث عدم ذكر عِدل للشرط.

نعم، إذا كانت القضيّة في مقام البيان من هذه الجهة، فلابدّ من أن يكون لها مفهوم، غير أنّ إفادة المفهوم في هذه الصورة لا تختصّ بالقضيّة الشرطية، بل وتشمل القضيّة الوصفيّة أيضاً، وعليه فلا يمكن القول بأنّ للقضيّة الشرطيّة بما هي شرطيّة ـ في قبال الوصفيّة مثلاً ـ مفهوماً، على أنّ من النادر جدّاً أن يكون المتكلّم في مقام البيان من هذه الجهة، فلا يمكن ادّعاء أنّ هذه الموارد النادرة هي مراد من ادّعى إفادة الجملة الشرطيّة للمفهوم. بل لا يمكن اعتبار ذلك مراداً لهم حتّى في صورة عدم ندرتها أيضاً، لأنّ إفادة المفهوم في هذا الفرض مستند إلى وجود قرينة خارجيّة، لا إلى الوضع أو إطلاق الكلام.[1]

ويمكن الإجابة على إشكالاته بأنّ الأخذ بالإطلاق لإثبات انحصاريّة علّيّة المقدّم للتالي إنّما يحصل بعد إثبات وجود علاقة من سنخ العلاقة العلّيّة بين المقدّم والتالي بناءً على وضع أداة الشرط، وإلّا فمن دون إثبات هذه العلاقة بينهما أوّلاً لا معنى للأخذ بالإطلاق الأحواليّ لأداة الشرط لإثبات انحصاريّة علّيّة المقدّم للتالي. إذن لا تصحّ دعوی أنّه على فرض صحّة الأخذ بالإطلاق المذكور في سبيل إثبات المفهوم للجمل الشرطيّة فهو ليس منحصراً فيها بل يجري في كلّ قيد من قيود الموضوع، وذلك لأنّ الأخذ بهذا الإطلاق يستدعي أوّلاً إثبات أنّ القضيّة التي ورد فيها القيد المذكور للموضوع على نحو الوصف أو أيّ نحو آخر تدلّ على علّيّة ذلك القيد لترتّب الحكم على الموضوع، وهذا هو وجه الفرق بين الجمل الشرطيّة وغيرها.

ثمّ إنّه من العجيب دعوى أنّ الأخذ بالإطلاق يقتضي أن لا يكون الحكم المذكور في القضيّة ثابتاً لطبيعة المقيّد من دون لحاظ قيده ومطلقاً بل يختصّ بحصّة خاصّة منه، لأنّ اختصاص الحكم بحصّة خاصّة من الطبيعة لا يقتضيه الأخذ بالإطلاق وإنّما هو مقتضى ذكر القيد للموضوع، وإلّا للغى ذكره. وعليه فمقتضى الإطلاق الأحوالي لأداة الشرط هو اختصاص الحكم المذكور في القضيّة بتلك الحصّة من طبيعة الموضوع المذكورة في القضيّة ونفي ترتّبه على سائر حصص طبيعة الموضوع.

وأمّا دعوى أنّ الجمل الشرطيّة لا تسوق إلّا لبيان تأثير الشرط على نحو الاقتضاء لا لإفادة مؤثّريّة الشرط الفعليّة، فجوابها ما تقدّم سابقاً في بيان إشكال دعوى المحقّق الخراساني والميرزا النائيني في خصوص التمسّك بإطلاق الشرط.

وعليه فيمكن أن ندّعي في نهاية المطاف بأنّه بعد إحراز دلالة الجمل الشرطيّة وضعاً على علّيّة المقدّم للتالي، يمكن إثبات انحصاريّة هذه العلّيّة بالتمسّك بالإطلاق المقاميّ للشرط أو الإطلاق الأحوالي لأداة الشرط. ولكنّ التمسّك بهذا الإطلاق إنّما يمكن فيما إذا كانت الجملة الشرطيّة إنشائيّة، أو إن كانت ناظرة إلى مقام الثبوت لا الإثبات فيما إذا كانت إخباريّة.

إن قيل: قد تكون الجملة الشرطيّة الإخباريّة متعلّقة بمقام الثبوت ومع ذلك لا مفهوم لها؛ مثل أن يقال: «إذا شربت السمّ متّ» حيث من المعلوم أنّه لا يراد منها أنّ الموت منتفٍ من دون شرب السمّ.

فالجواب: أنّ دلالة القضيّة الشرطيّة مستفادة من إطلاقها كما مرّ، والأخذ بالإطلاق إنّما يمكن فيما إذا لم توجد قرينة على خلافه، وبما أنّ القرينة الخارجيّة على عدم انحصاريّة الشرط موجودة في موارد كالمثال المذكور، فلا مفهوم للقضيّة الشرطيّة في هذه المواد، وهذا لا يضرّ بما ذكر.


logo