46/06/21
بسم الله الرحمن الرحیم
تتمة دعوی المحقّق الخراساني - التمسّك بالإطلاق الأحوالي/ مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ تتمة دعوی المحقّق الخراساني - التمسّك بالإطلاق الأحوالي
قال المحقّق الخراساني في سياق مقالته السابقة: ظنّ بعض أنّه كما يمكن التمسّك بالإطلاق لإثبات تعيينيّة الوجوب في موارد الشكّ في كونه تعيينيّاً أو تخييريّاً، فكذلك الحال فيما نحن فيه حيث إذا شكّ في أنّ الشرط منحصر أم له عِدل، فيمكن إثبات كونه منحصراً أخذاً بإطلاق جملة الشرط.
ثمّ قال مستشكلاً على هذه الدعوى: يختلف التمسّك بالإطلاق في مقام الشكّ في تعيينيّة الوجوب وتخييريّته عن التمسّك به فيما نحن فيه بأنّ الوجوب التعييني والتخييري سنخان من الوجوب يختلفان في كيفيّة تعلّق كلّ منهما بالواجب عن الآخر، فتعلّق الوجوب التخييري بالواجب على نحو يكون له عِدل، بينما تعلّقه بالواجب في الوجوب التعيينيّ يفتقد هذه الخصوصيّة. إذن يمكن ادّعاء أنّه حيث يكون تعلّق الوجوب التخييريّ بالواجب ذات مؤونة زائدة بالنسبة إلى تعلّق الوجوب التعيينيّ به، فيمكن نفيه أخذاً بالإطلاق وإثبات الوجوب التعييني.
هذا، والحال أنّه لا دخل لوجود العِدل للشرط في كيفيّة شرطيّته، ولا تكون لشرطيّته مؤونة زائدة ثبوتاً إذا كان له عِدل مقارنة بحالة فقدانه للعِدل حتّى يمكن إثبات فقدان العِدل للشرط وإنحصاريّته أخذاً بإطلاق جملة الشرط في مقام الإثبات، فلزوم ذكر العِدل للشرط إنّما هو لبيان تعدّده لا لاختلاف كيفيّة شرطيّته مع وجود العِدل له.[1]
إلّا أنّ المحقّق النائيني ردّ هذا الإشكال وقال: لا يستند الاستدلال المذكور إلى التمسّك بإطلاق الجزاء وإثبات أنّ ترتّب الجزاء على الشرط على نحو ترتّب المعلول على علّته المنحصرة حتّى يشكل عليه بأنّ كيفيّة ترتّب المعلول على علّته المنحصرة لا تختلف عن كيفيّة ترتّبه على العلّة غير المنحصرة، وإنّما يبتني الاستدلال على أنّ ترتّب الجزاء على الشرط وإن لم يكن مدلولاً وضعيّاً للقضيّة الشرطيّة، غير أنّ المتفاهم عرفاً من سياق القضيّة الشرطيّة هو هذا الترتّب الذي ينتج عنه تقييد الجزاء بوجود الشرط في غير القضايا المسوقة لبيان تحقّق الحكم بتحقّق الموضوع ـ مثل «إن رزقت ولداً فاختنه» ـ لأنّ ترتّب الجزاء على الشرط وتقييده به في هذه القضايا قهريّ، فلا يكون لهذه القضايا مفهوم.
وبالنظر إلى ذلك ومع الالتفات إلى أنّ التقييد بقيد واحد كما يختلف عن التقييد بقيدين منضمّين إلى بعض، فإنّه يختلف سنخاً عن التقييد بقيدين على نحو البدليّة أيضاً، وعليه فيلزم المولى في مقام البيان أن يبيّن الخصوصيّة الزائدة في التقييد إن وُجدت، كما يقال في استفادة الوجوب التعيينيّ من الصيغة أنّ إطلاقها يقتضي أن لا تسقط بإتيان ما يحتمل أن يكون عِدلاً له، وعليه يثبت كونه تعيينيّاً.[2]
أقول: إنّ المستفاد من كلمات المحقّق النائيني أنّه يتمسّك بالإطلاق الأحوالي لشرطيّة المقدّم للتالي إثباتاً لانحصاريّة الشرط، بمعنى أنّا إذا شككنا حين تحقّق شيء آخر غير الشرط المذكور في القضية بأنّه هل بقيت شرطيّة ذلك الشرط للجزاء أم أنّ المتحقّق عِدل للشرط المذكور في القضيّة الشرطية فلا يكون الجزاء مترتّباً على الشرط في هذه الحالة لتحقّقه بتحقّق عدله، فيمكن بالتمسّك بالإطلاق الأحوالي أن نثبت أنّ الجزاء مترتّب على الشرط في هذه الحالة أيضاً ممّا ينتج عنه انحصاريّة الشرط.
وسنتابع هذا الموضوع في الجلسة القادمة إن شاء الله.