46/06/19
بسم الله الرحمن الرحیم
الإشکالات علی الأخذ بإطلاق القضيّة الشرطيّةو الجواب عنها -التمسّك بإطلاق أداة الشرط/ مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ الإشکالات علی الأخذ بإطلاق القضيّة الشرطيّة و الجواب عنها - التمسّك بإطلاق أداة الشرط
أورد السيّد الخميني على التمسّك بإطلاق جملة الشرط إثباتاً لانحصار علّيّتها للجزاء وقال: الإطلاق يقابل التقييد الذي معناه دخل شيء آخر في موضوع الحكم، والإطلاق ينفي احتماله، ولكن إمكان دخل شيء آخر في الموضوع في عرض الشيء الدخيل فيه، لا يؤدّي إلى تقييد الموضوع حتّى يمكن نفيه بالإطلاق.
وبعبارة أُخرى: فإنّ الإطلاق يتكفّل بإحراز عدم الشريك دون عدم النائب.[1]
وفيه: أنّه وإن صحّت دعواه بالنسبة إلى الإطلاق اللفظي غير أنّها غير تامّة بالنسبة إلى الإطلاق المقامي، إذ الثاني لا تنتفي فيه مدخليّة جزء آخر في موضوع الحكم بالتمسّك بالإطلاق وإنّما ينتفي وجود موضوع آخر للحكم؛ فمثلاً إذا قال المولى للعبد «أحضر لي قلماً» فإذا شكّ العبد في أنّ المطلوب للمولی مجرّد إحضار القلم أو إحضاره مقيّداً برفقة الدواة، فيمكنه نفي تقيّد مطلوبيّة إحضار القلم برفقة الدواة بالتمسّك بالإطلاق اللفظي، وأمّا إذا كان واثقاً بأنّ المطلوب للمولى إحضار القلم من دون أي قيد ومع ذلك شكّ في أنّ إحضار الدواة أيضاً مطلوب للمولى أم لا، فينفي مطلوبيّة إحضار الدواة للمولى تمسّكاً بالإطلاق المقامي.
وبعبارة أُخرى: فالذي ينفى بالتمسّك بالإطلاق المقاميّ، هو تقيّد المقام بوجود حكم آخر ـ مضافاً إلی الحكم المذكور ـ بموضوع غير مذكور، لا تقيّد موضوع الحكم المذكور لفظاً.
وقد أشكل السيّد الروحاني أيضاً على الأخذ بالإطلاق الآنف وقال: إنّ الجملة الشرطيّة إنّما تدلّ على ثبوت الجزاء بثبوت الشرط، بمعنى أنّه إذا وُجد الشرط فعلّة الجزاء التامّة موجودة أيضاً ولا يحتاج تحقّقه إلى شيء آخر، وأمّا كون المؤثّر في وجود الجزاء هو الشرط أو شيء آخر، فإنّ الجملة الشرطيّة لا تتكفّل بيانه. وعليه فلا يمكن إحراز أنّ المتكلّم في مقام بيان استناد وجود الجزاء إلى وجود الشرط حتّى يمكن الأخذ بإطلاق الجملة الشرطيّة من هذه الجهة.[2]
ويُعلم جواب هذا الإشكال ممّا تقدّم أيضاً، حيث قلنا: إنّ ثبوت الجزاء بثبوت الشرط لا يعني شيئاً سوی كون العلاقة بينهما من سنخ العلاقة العلّيّة وإن لم يكن المأخوذ شرطاً في القضيّة علّة لما أُخذ جزاءً فيه في الواقع. وبعبارة أُخرى: فكون المتكلّم في القضيّة الشرطيّة في مقام ادّعاء أنّه يلزم وجود الجزاء بوجود الشرط، يكفي للقول بأنّ العلاقة بينهما في هذه القضايا من سنخ العلاقة العلّيّة، وإن لم يكن ذلك مطابقاً للواقع.
وعليه فيمكن في ختام البحث أن ندّعي أنّ إطلاق الشرط في القضايا الشرطيّة الإنشائيّة يقتضي أن يكون للمقدّم فيها علّيّة منحصرة للتالي ممّا ينتج عنه إفادة هذه القضايا للمفهوم. ولكن في القضايا الشرطيّة الإخباريّة فإنّ استفادة المفهوم منها متوقّفة على أن يحرز أنّها وردت لبيان ما هو مرتبط بمقام الثبوت دون الإثبات حتّى يمكن التمسّك بإطلاق الشرط فيها واستفيد منها المفهوم.
التقريب الثاني: التمسّك بإطلاق أداة الشرط
قال المحقّق الخراساني في بيان كيفيّة التمسّك بهذا الإطلاق إثباتاً لإفادة القضيّة الشرطيّة للمفهوم: إنّه كما أنّ إطلاق صيغة الأمر في موارد الشكّ بين الوجود النفسي والغيري يقتضي الوجوب النفسي، فكذلك التمسّك بإطلاق أداة الشرط أو هيئته هاهنا يقتضي أن يكون ترتّب الجزاء على الشرط على نحو ترتّب المعلول على علّته المنحصرة.[3]
وذكر المحقّق الإصفهاني ذكر توضيحاً لدعوى المحقّق الخراساني الذي سنطرحه في الجلسة القادمة إن شاء الله.