« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الجواب من إشکال المحقق النائيني/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ الجواب من إشکال المحقق النائيني

 

قال المحقّق النائينيّ في رد إمكان التمسّك بإطلاق الشرط إثباتاً لانحصاريّة عليّته للشرط: «إنّ غاية ما تدلّ عليه القضيّة الشرطيّة بالدلالة الوضعيّة إنّما هو لزوم التالي للمقدّم، وإنّما استفيد ترتّب التالي على المقدّم وتفرّعه عليه من ظاهر تقديم المتكلّم المقدّم وتأخيره التالي في كلامه. وأمّا استناد التالي في وجوده إلى المقدّم بالفعل فليس المتكلّم في مقام بيانه قطعاً ليتمسّك بإطلاق كلامه لإثبات انحصار العلّة بالمقدّم.»[1]

والذي ورد في كلماته أيضاً ناتج عن الخلط في معنى الإنحصار، ولذلك قال: بما أنّ المتكلّم ليس بصدد بيان أنّ التالي مستند في الوجود فعلاً إلى المقدّم، فلا يمكن إثبات إنحصار العلّة في المقدّم تمسّكاً بإطلاق الكلام.

أقول: إنّ المتحصّل ممّا ادّعاه هؤلاء الأعلام هو أنّ غاية ما تدلّ عليه الجملة الشرطيّة هو أنّ الشرط يقتضي ترتّب الجزاء عليه، وأمّا كونه بحيث يترتّب الجزاء عليه بالفعل فهو لا يستفاد من القضيّة الشرطيّة وإثباته يحتاج إلى قرينة خارجيّة.

ولكن يجاب عن هذه الدعوى بأنّه إذا لم يحصل التالي حينئذٍ على الرغم من وجود المقدّم في الجملة الشرطية الإخباريّة، فلا ينبغي الحكم بكذب الجملة، إذ ـ بناءً على هذه الدعوى ـ ليس المتكلّم إلّا بصدد بيان أنّ المقدّم يقتضي ترتّب التالي عليه، ومعلوم أنّه إذا حصل مانع من تحقّق التالي في هذه الحالة فلن يتحقّق التالي، كما لن تكذب الجملة الشرطية، والحال أنّ هذا يخالف الوجدان.

وبعبارة أُخرى: إنّ المتفاهم من الجملة الشرطية هو تحقّق الجزاء فعلاً بعد تحقّق الشرط، لا مجرّد وجود المقتضي لتحقّق الجزاء بواسطة تحقّق الشرط. ولذلك يتوقّع تحقّق الجزاء في الجمل الشرطيّة الإخباريّة بمجرّد تحقّق شرطها، ومن دونه يُحكم بكذبها، كما أنّ الطلب أو الزجر في الجزاء في الجمل الشرطيّة الإنشائيّة يصبح فعليّاً بمجرّد تحقّق الشرط ويلزم المكلّف أن يأتي بالمطلوب أو ينزجر عن المنهيّ عنه.

بل ـ كما قال السيّد الروحاني[2] أيضاً ـ يلزم من هذه الدعوی تأسيس فقه جديد، إذ أنّها تعني عدم استفادة فعليّة الوجوب بفعليّة الشرط من القضايا الشرطيّة الواردة في الأدلّة الشرعيّة.

وعليه فإنّ ترتّب الجزاء على الشرط ممّا لا يقبل الإنكار ولا نقاش فيه، وإن كان لا يلزم منه أن يكون الشرط علّة تامّة للجزاء ـ كما تقدّم سابقاً ـ لأنّ علّيّة الشرط للجزاء أعمّ من أن تكون هي العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها.

فإذن ينبغي أن نقول في تقرير كيفيّة التمسّك بالإطلاق: بما أنّ المتكلّم في مقام بيان ما يتحقّق الجزاء بتحقّقه، فإذا كان شيء آخر ـ غير ما جاء في المقدّم ـ سبباً لتحقّق الجزاء أيضاً، فعليه أن يبيّنه، فأخذاً بالإطلاق المقامي للشرط، تمکن دعوی أنّه ليس غير الشرط المذکور في القضيّة الشرطيّة ما يمكنه تسبيب تحقّق الجزاء.

غير أنّ هذا يكون فيما إذا تتعلّق القضيّة الشرطية بمقام الثبوت، وأمّا إذا كانت القضيّة الشرطيّة بصدد إفادة معنىً متعلّق بمقام الإثبات، فبما أنّ المتكلّم في هذه الصورة لا يلزمه بيان كلّ ما له دخل في إثبات التالي للمخاطب، فإنّ مقدّمات الحكمة غير تامّة، ولا يمكن بالأخذ بالإطلاق أن نثبت إنحصار علّة الجزاء في الشرط.

وسيأتي توضيح ذلك في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo