46/05/24
بسم الله الرحمن الرحیم
جواب الإشکالات علی مبنی المشهور بالنسبة الی مدلول اداة الشرط/ مفهوم الشرط/المفاهيم
الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ جواب الإشکالات علی مبنی المشهور بالنسبة الی مدلول اداة الشرط
ذكرنا في الجلسة السابقة الاستدلال الذي يمكن أن نثبت به مدّعى المشهور بالنسبة إلى مدلول أداة الشرط.
لا يقال: بناءً على ما تقدّم منكم، فإنّ المراد من جعل أداة الشرط مدخولَها في موضع الفرض والتقدير هو أنّ هذه الأداة تفيد النسبة بين مدخولها وبين الواقع الخارجي أو «النسبة التقديريّة»، وعليه فنقصان جملة الشرط ناشئ عن ذلك، لا عن إفادة أداة الشرط لنسبة بين الشرط والجزاء.
إذ نقول في الجواب: إن كان كذلك، فلم تكن تماميّتها متوقّفة على ذكر جملة الجزاء، لوضوح أنّه لا دليل لذلك إلّا أنّ طرف النسبة التي توجدها أداة الشرط جملة الجزاء.
فإن قيل: إنّ انتظار جملة الجزاء ناشئ عن دلالة هيئة الجملة الشرطيّة على وجود نسبة بينها وبين جملة الشرط وليس عن دلالة أداة الشرط على ذلك.
فالجواب: أنّ هيئة الجملة الشرطيّة لم تتمّ بمجرّد ذكر جملة الشرط وأداته حتّى يستفاد هذا المعنى منها، وإذا لم تفد أداة الشرط هذا المعنى، فلا وجه لأن ينتظر المخاطب الجملة المترتّبة على الشرط بمجرّد سماعهما.
نعم، لا يمكن إنكار أنّ استقرار النسبة بين جملة الشرط وجملة الجزاء يوجب وقوع جملة الشرط موقع الفرض، ولكن هناك فرق بين أن نعتبر أداة الشرط موجبة لوضع جملة الشرط في هذا الموقع فقط ونعتبر النسبة مدلولاً لهيئة الجملة الشرطيّة، وبين أن يدّعى أنّ أداة الشرط توجِد نسبة بين جملتين ممّا يلزم منه وقوع جملة الشرط موقعَ الفرض.
وبالنظر إلى ما تقدّم، يظهر جواب إشكال آخر على مدّعى المشهور أيضاً وهو أنّ المدلول الرئيسي للجملة الشرطيّة الذي يكون مدلولها التصديقي بإزائه هو جملة الجزاء وحدها بناءً على مبنى المحقّق الإصفهاني دون جملة الشرط أو الشرطيّة، لأنّ الأخيرين إنّما يذكران لبيان الفرض والتقدير، وعليه فإذا كانت جملة الجزاء خبريّة أمكن القول بأنّ الجملة الشرطيّة إخباريّة، وإذا كانت إنشائيّة أمكن اعتبارها إنشائيّة، بينما يكون المدلول الرئيسي للجملة الشرطيّة بناءً على مبنی المشهور هو خصوص الربط بين جملتي الشرط والجزاء، وعليه فينبغي أن لا يؤثّر على مدلولها التصديقي كون جملة الجزاء إخباريّة أو إنشائيّة، لأنّ الجملة الواحدة لا يكون لها إلّا مدلول تصديقي واحد، والفرض أنّ ذلك المدلول على كلّ حال هو ربط الجزاء بالشرط دون مدلول الجزاء، والحال أنّ ذلك مخالف للوجدان.
فالجواب أوّلاً: أنّ هذا الإشكال على فرض تماميّته يرد على مبنى المحقّق الإصفهاني أيضاً، لأنّه لم ينف ربط الجزاء بالشرط في الجملة الشرطيّة وإنّما اعتبره مفاد هيئتها دون أداة الشرط. فالفرق بين مبناه ومبنى المشهور ليس في أصل وجود الربط في الجملة الشرطيّة وإنّما يكون فيما يفيده.
وثانياً: مدلول الجملة الشرطيّة بحسب المشهور ليس مجرّد الربط بل هو ربط الجزاء بالشرط، ومن المعلوم أنّ مفاد الجزاء دخيل في هذا المدلول، وعليه فإذا أفاد الجزاءُ الإخبارَ لأمكن اعتبار الجملة الشرطية إخباريّة، وإذا أفاد الإنشاءَ لكانت الجملة الشرطيّة إنشائيّة.
فالذي تبّين في نهاية الكلام، أنّ أداة الشرط توجِد نسبة بين جملتي الجزاء والشرط ممّا يُشرط بها تحقّق مدلول جملة الجزاء بتحقّق مفاد جملة الشرط، فيكون «إن جاء زيد» في حكم «بشرط مجيء زيد».