« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الاشکال علی استدلال الشهيد الصدر علی مبنی المشهور في خصوص ادواة الشرط /مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ الاشکال علی استدلال الشهيد الصدر علی مبنی المشهور في خصوص ادواة الشرط

 

طرحنا في الجلسة السابقة استدلال الشهيد الصدر على مبنى المشهور.

غير أنّ الاستدلال غير تامّ ولا يمكن أن يكون لجملة الشرط مدلول تصديقي بعد دخول أداة الشرط عليها، إذ بما أنّه لا شكّ في وجود مدلول تصديقي للجملة الشرطيّة المكوّنة من الشرط والجزاء ومعلوم أنّ هذا المدلول ليس مدلولاً لجملة الشرط فقط بل مفاد الجزاء أيضاً دخيل فيه، فإذا قلنا بأنّ لكلّ واحد من جملتي الشرط والجزاء مدلول تصديقي، فيتحصّل منه أنّ جملة الشرط تفيد ثلاث معانٍ لا معنىً واحداً، بينما لا تفيد الجملة الواحدة غير معنىً واحد مركّب.

على أنّ من الواضح ما يرد على دعوى نشوء عدم صحّة السكوت على جملة الشرط عن كون معنى أداة الشرط من سنخ يوجب عدم صحّة السكوت على جملة الشرط، لأنّ الذي لا يصحّ السكوت عليه هو المركّب الذي تكون أداة الشرط جزءاً منه وجملة الشرط جزءاً آخر منه، والمدلول التصوّري المستفاد من المركّب ناشئ عن تركيب أجزائه ولا يفيد كلّ جزء منه معنىً مستقلاً غير مرتبط بسائر أجزائه، كما ليس المدلول التصوّري للمركّب حاصلاً من جمع المعاني المستفادة من كلّ فرد من أجزائه مستقلّاً. وإذا لم نعتبر عدم صحّة السكوت على العبارات المركّبة من أداة الشرط وجملة الشرط بمعنى نقصانها، فيمكن اعتبار كلّ مركّب ناقص تامّاً؛ فيقال مثلاً: إنّ «مجيء زيد» مركّب تامّ وعدم صحّة السكوت عليه إنّما نشأ عن سنخ المعنى الذي تفيده الإضافة!

وعليه فالصحيح أن يقال في الاستدلال على المبنى المشهور: إنّ جملة الشرط وإن كانت قبل دخول أداة الشرط عليها مركّباً تامّاً، غير أنّه من المعلوم أنّ تركيب تلك الجملة مع أداة الشرط يوجد مركّباً ناقصاً لا يمكن السكوت عليه، وهذا يعني أنّ أداة الشرط تفيد معنىً يوجد هذه الحالة في المركّب المتكوّن منهما، وهذا لا يعني غير النسبة شيئاً، لأنّ المعنى المحتاج في تماميّته إلى طرف آخر هو المعنى النسبي.

وبعبارة أُخرى: إنّ الذي يسبّب عدم صحّة السكوت على المركّب الحاصل من أداة الشرط وجملة الشرط هو أنّ أداة الشرط تضع المعنى المستفاد من جملة الشرط طرفاً لنسبة تتطلّب تماميّتها إلى بيان جملة الجزاء، وهذا هو الذي التزم به المشهور.

وبالنظر إلى ذلك، يتّضح إشكال الاحتمال الأوّل الذي طرحه الشهيد الصدر في توجيه عدم جواز السكوت علی جملة الشرط بعد ورود أداة الشرط عليها، لأنّ تماميّة النسبة بين الفعل والفاعل تعود إلى الفعليّة والفاعليّة فيهما، ومع بقاء هذه الخصوصيّة فيهما لا يمكن للنسبة بينهما أن تصبح ناقصة بمجرّد دخول أداة الشرط علی جملة الشرط، وإنّما الذي يشتمل على النسبة الناقصة هو المركّب الحاصل من أداة الشرط وجملة الشرط.

فإن قيل: يمكن توجيه فقدان الدلالة التصديقيّة في المركّب الحاصل من أداة الشرط وجملة الشرط على مبنى المحقّق الإصفهاني أيضاً بأن يقال: إنّ أداة الشرط تجعل الجملة الشرطيّة في موقع الفرض والتقدير، وعندما يُفرض مدلول النسبة التامّة فهذا يوجد توقعّاً وانتظاراً في المخاطب ولا يمكنه التصديق بعدئذٍ، بل ينتظر ما يرد في جملة الجزاء.

قلت: إنّ انتظار المخاطب الحاصل من وقوع مدلول جملة الشرط في موضع الفرض، ناشئ عن أنّه لم يتبيّن له بعدُ بمجرّد بيان جملة الشرط أنّه ما هو غرض المتكلّم من جعل مدخول أداة الشرط في موقع الفرض؟ وفي سبيل اتّضاح هذا الغرض ينتظر ورود جملة الجزاء، وهذا لا علاقة له بالمدلول التصديقيّ لجملة الشرط ولا يسبّب فقدان جملة الشرط للدلالة التصديقيّة، إذ ليس المراد من اشتمال الجملة على مدلول تصديقي وإمكان السكوت عليها أنّ المخاطب لا ينتظر استمرار الكلام لأيّ جهة، وإنّما يراد أنّ الجملة في حدّ ذاتها ذات معنىً تامّ، ولذلك لو حكى أحد واقعةً واستخدم في بيانه جملاً إخباريّة تامّة، فالمخاطب ينتظر تكملة مجريات الواقعة منه إلى نهاية الحكاية وبيان جميع جملها، وهذا لا يعني أنّ الجمل الصادرة من المتكلّم ليس لها مدلول تصديقي مادام الكلام لم ينته، وإنّما الانتظار ناشئ عن وجود قرينة حاليّة وهي كون المتكلّم في مقام بيان الحكاية.

وبعبارة أُخرى: ففرق بين الانتظار الناشئ عن عدم تماميّة معنى المركّب بنحو لا يمكن للمخاطب أن يصدّق ذلك المعنى، وبين الانتظار الناشئ عن وجود قرائن حاليّة تسبّب انتظار المخاطب لورود سائر جمل المتكلّم وإن كانت جمل المتكلّم السابقة ذات معانٍ تامّة في حدّ ذاتها، لوضوح أنّ نقصان المعنى المركّب المشتمل على أداة الشرط وجملة الجزاء إنّما هو لوجود انتظار في المخاطب من القسم الأوّل دون الثاني، والتوجيه المذكور لدعوی المحقّق الإصفهاني غاية ما يوجده هو الانتظار الذي يكون من القسم الثاني.

وللكلام تتمّة سنذكرها في الجلسة القادمة إن شاء الله.

logo