« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 نقد اشکالات السيّد الروحاني علی دعوی المحقق الاصفهاني/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ نقد اشکالات السيّد الروحاني علی دعوی المحقق الاصفهاني

 

أورد السيّد الروحاني ثلاثة إشكالات على دعوى المحقّق الإصفهاني بالنسبة إلى ما وضعت له أداة الشرط، هي:

1 ـ ما ذكره بالنسبة إلى سبب دلالة كلمة «لو» على الامتناع غير صحيح، لأنّه إذا كان مستنده ذلك فينبغي فيما إذا تدخل سائر أداة الشرط على الفعل الماضي ـ كما إذا قيل: «إن كان زيد قد جاء أمس جاء عمرو أمس أيضاً» ـ أو فيما إذا كان الفرض والتقدير مدلولاً للفظ اسميّ ـ مثل أن يقال: «علی فرض مجيء زيد أمس فقد جاء عمرو أمس أيضاً» ـ أن نقول بدلالة الجملة على الامتناع للامتناع أيضاً، بينما ليس الأمر كذلك.

2 ـ افتراض الشيء في زمان ماضٍ لا ينحصر في صورة عدم وقوعه، بل كما قد يكون منشؤه ذلك، فقد يكون أيضاً أنّ غرض المتكلّم ليس إلّا بيان الملازمة بين تحقّق شيء في زمان سابق وتحقّق شيء آخر في الزمان نفسه، من دون أن يتعلّق غرضه ببيان تحقّق الشيء الأوّل في الزمان السابق أو عدمه. كما قد يكون جاهلاً أصلاً بتحقّق الشيء الأوّل في زمان سابق أو عدمه ولا يتحدّث إلّا عن ترتّب الشيء الثاني على الشيء الأوّل في فرض تحقّق الأوّل في زمان سابق.

3 ـ إذا كانت وظيفة أداة الشرط مجرّد أن تجعل مدخولها موضع الفرض والتقدير، فحينئذٍ لا حاجة إلى ذكر فاء التفريع في الجملة الشرطيّة، والشاهد عليه أنّه إذا عبّر عن الفرض والتقدير بنحو اسمي، لم يجز ذكر فاء التفريع، فيقال مثلاً: «علی فرض وتقدير مجيء زيد يجيء عمرو» ولا يقال: «فيجيء عمرو». على أنّ الفرض بمعناه الاسمي لا يدخل إلّا على المفاهيم الإفراديّة دون المفاهيم التركيبيّة؛ فمثلاً يقال: «علی فرضِ مجيء زيد» ولا يقال: «علی فرضِ جاء زيد»، بينما لو كانت أداة الشرط بمعنى الفرض والتقدير لصحّت الجملة الثانية أيضاً.[1]

أقول: إنّ الإشكالان الأوّل والثاني واردان على دعوى المحقّق الإصفهاني، ويمكن تقرير إشكال دعواه بخصوص حرف «لو» بأنّ وظيفة أداة الشرط إذا كانت منحصرة في جعل مدخولها في موضع الفرض والتقدير، فلا ينبغي أن تختلف جملة الشرط على نحو «إن جاء زيد» عن بيانها على نحو: «لو جاء زيد»، بينما يختلف الاثنان من حيث المعنى، ولا يمكن أن ينشأ هذا الاختلاف عن شيء غير وضع حرفي «إن» و«لو».

وأمّا إشكاله الثالث فغير وارد ويمكن أن يذبّ عنهه بأنّ ذكر فاء التفريع في الجملة الشرطيّة لا يتوقّف على أن تفيد أداة الشرط الترتيبَ، بل إذا اعتبرنا الترتيب مدلولاً للهئية أيضاً فيمكن ذكر فاء التفريع في الجملة الشرطيّة. كما أنّ عدم ذكر فاء التفريع فيما يعبّر عن الفرض والتقدير بنحو اسميّ أيضاً ليس دليلاً على دعواه، لأنّ ذكره يتبع قواعد اللغة العربيّة ولا يجوز ذكره أينما كان هناك ترتيب، ولذلك لا تذكر فاء التفريع في بعض الجمل التي استعمل فيها أداة الشرط ويقال مثلاً: «إن جاء زيد سأُكرمه» وإذا كان لازم إفادة أداة الشرط للترتيب أن يذكر فاء التفريع في الجملة الشرطيّة، فينبغي أن نقول في هذه الموارد بتماميّة دعوى المحقّق الإصفهاني وعدم استفادة هذا المعنى من أداة الشرط فيها.

وأمّا قوله من أنّ دعوى المحقّق الإصفهاني هي أنّ أداة الشرط بمنى «على فرض وتقدير» فيُعلم جوابه ممّا تقدّم من أنّه ليس ذلك، وهو إنّما أراد بأنّ أداة الشرط تسبّب وقوع مفاد الشرط مفروضاً كـ «مجيء زيد المفروض».

والوجه في عدم جواز تبديل أداة الشرط إلى المعنى الاسمي لمفهوم «الفرض والتقدير» في الجملة الشرطيّة هو ما تقدّم في مبحث المعنى الحرفي من أنّ ما وضعت له الأسامي والحروف ليس واحداً، فمثلاً حرف «مِن» لم يوضع إزاء المعنى الاسمي للابتداء حتّى يمكن استبداله به، وإنّما وُضع إزاء النسبة الابتدائيّة ـ أي النسبة بين مفهومي «المبتدأ منه» و«المتبدأ به» ـ وعلى ذات النسق يمكن أن نقول هاهنا أيضاً: إنّ مراد المحقّق الإصفهاني من أنّ أداة الشرط تجعل مدخولها في موضع الفرض والتقدير ليس وضع هذه الأداة إزاء المفهوم الاسميّ للفرض والتقدير، وإنّما أراد أنّ الذي وُضعت الأداة له نسبةٌ بين عالم الخارج ووجود الشرط في ذلك العالم ممّا يمكن تسميته بـ «النسبة التقديريّة»، ولذلك لا يمكن استعمال المعنى الاسمي للفرض والتقدير مكانه، كما لا يجوز استعمال المعاني الاسميّة المرادفة لسائر الحروف بدلاً منها.

وأشكل الشهيد الصدر على دعوى المحقّق الإصفهاني أيضاً وقال: يشكل هذه الدعوى بأنّه لم يُقم استدلالاً عليها، وحاول الشهيد بنفسه بيان استدلال على الدعوى ممّا سنبيّنه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo