« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 مفاد الجملة الشرطيّة/ مفهوم الشرط/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/ مفهوم الشرط/ مفاد الجملة الشرطيّة

 

المطلب الأوّل: مفاد الجملة الشرطيّة

ينبغي أن نبيّن مفاد أداة الشرط في سبيل معرفة مفاد الجملة الشرطيّة.

المرتكز في أذهان العرف أنّ وظيفة أداة الشرط هو إيجاد العلاقة بين جملة الشرط وجملة الجزاء كما يدّعيه المشهور أيضاً.

غير أنّ المحقّق الإصفهاني خالف ذلك وقال: إنّ الذي يدلّ على الربط بين جملة الشرط وجملة الجزاء هي هيئة ترتيب الجزاء على الشرط وتفريع التالي على المقدّم، كما أنّ فاء التفريع أيضاً تدلّ على التعليق والترتيب، مثل «جاء زيد فجاء عمرو» الدالّة على الترتّب الزمني، أو «تحرّكت اليد فتحرّك المفتاح» الدالّة على الترتّب العلّي، أو «وُجد الواحد فوُجد الاثنان» الدالّة على الترتّب الطبعي.

وأمّا وظيفة أداة الشرط فليس إلّا جعل الشرط في موضع الفرض والتقدير، كما أنّ مفاد أداة الاستفهام أنّ الذي ترد عليه هذه الأداة واقع موضع الاستفهام، ومفاد أداة الترجّي هو أنّ الذي وردت عليها هذه الأداة واقع موضع الترجّي.

ويؤيّد ذلك قولهم بأنّ «لو» حرف امتناع، ووجهه أنّ مدخوله لفظ ماضٍ، وفرض وجود شيء في زمان ماضٍ لا يكون إلّا فيما إذا لم يكن الشيء موجوداً في ذلك الزمان، ولذلك فالمفروض أمر ممتنع، وكلّما ترتّب شيء على أمر ممتنع في زمان ماضٍ فالشيء ممتنع أيضاً، لأنّ الشرط إذا كان علّة منحصرة للجزاء فمعلوم أنّ العلّة لم تكن موجودة، وإذا كانت له علّة أُخرى فتلك العلّة لم تكن أيضاً، فيترتّب عدمه على عدم ما فُرض وجوده، ويتّضح بذلك أنّ الالتزام بكون «لو» للامتناع لا يعني الالتزام بثبوت مفهوم له أو وجود علّيّة منحصرة في مدخوله.

إذن عندما يقال: «إن جاءك زيد فأكرمه» فمعناه: «أكرم زيداً فرض مجيئه إليك» من دون دلالة على الملازمة بينهما أو ترتّب علّي، فضلاً عن أن تدلّ أداة الشرط على الترتّب على نحو العلّيّة المنحصرة بين الشرط والجزاء.[1]

أقول: ينبغي الالتفات إلى أنّ المحقّق الإصفهاني عندما قال: إنّ أداة الشرط تجعل مدخولها في موضع الفرض والتقدير، فهو لا يريد أنّ هيئة الجملة الشرطيّة تقتضي ترتّب جملة الجزاء على مجرّد فرض وجود الشرط حتّى يشكل بأنّ الجزاء تكون محقّقة دائماً حينئذٍ ولو مع عدم تحقّق الشرط خارجاً، لأنّ فرض وجود الشرط لا يلازم تحقّقه الخارجي حيث يمكن فرض وجوده مع عدم تحقّقه أيضاً، بل المراد أنّ الجزاء يتحقّق على فرض تحقّق جملة الشرط خارجاً.

وبعبارة أُخرى: ليس المستفاد من «إن جاء زيد فأكرمه» بناءً علی مدّعاه أنّ «وجوب إكرام زيد مترتّب علی فرض مجيئه» وإنّما المستفاد منه أنّ: «وجوب إكرام زيد مترتّب علی مجيئه المفروض».

ومن الضروري أيضاً أن نذكر أنّ وقوع مدخول أداة الشرط موقع الفرض لا يعني أن يصبح مثلاً معنى «إن جاء زيد»: «على فرض مجيء زيد»، لأنّ حرف «على» يدلّ على الترتّب ولن يختلف مدّعى المحقّق الإصفهاني عن دعوى المشهور حينئذٍ، وإنّما أراد أنّ جملة الشرط المذكورة تعني: «مجيء زيد المفروض» ممّا تترتّب عليه جملة الجزاء لدلالة هيئة الجملة الشرطيّة عليه.

وسيأتي نقد كلمات المحقّق الإصفهاني في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo