« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/10

بسم الله الرحمن الرحیم

إشکال علی مدعی الشهيد الصدر- نقد إشکال المحقق الخراساني علی مدعی الشهيد الثاني/المقدمات/المفاهيم

الموضوع: المفاهيم/المقدمات/ إشکال علی مدعی الشهيد الصدر- نقد إشکال المحقق الخراساني علی مدعی الشهيد الثاني

 

تابع الشهيد الصدر في بيان دعواه قائلاً: إذا كانت الجملة بحيث تدلّ على النسبة الالتصاقيّة والتوقّفيّة بهيئتها أو الأداة المستخدمة فيها بحيث نقول بدلاً من «إن جاءك زيد فأكرمه» مثلاً: «وجوب إكرام زيد موقوف على مجيئه أو ملصق به»، فالملاك المذكور محقّق حينئدٍ ويستكشف من انتفاء الشرط انتفاءُ الجزاء أيضاً، لأنّ الجزاء إذا بقي مع انتفاء الشرط فهذا خلاف التصاقه بالشرط وتوقّف الجزاء عليه. وأمّا إذا دلّت الجملة على النسبة الإيجاديّة بحيث نقول بدلاً من «إن جاءك زيد فأكرمه» مثلاً: «مجي‌ء زيد موجب وسبب لوجوب إكرامه»، ففي هذه الصورة لا يمكن إحراز الملاك المذكور لإفادة المفهوم بمجرّد هذا المدلول التصوّري، إذ يمكن افتراض أنّ الشرط سبب لإيجاد الحكم في الجزاء مع أنّ الحكم في الجزاء غير ملتصق بالشرط، مثل ما إذا كان لثبوت الحكم في الجزاء علّتان.

وعليه فإذا فرض أنّ هيئة الجملة أو الأداة المستعملة فيها موضوعة للنسبة الإيجاديّة، فلا يمكن إثبات وجود المفهوم في الجملة. نعم، يمكن أخذاً بقاعدة «الواحد» أن نقول في المدلول التصديقي للجملة الشرطيّة: إذا كان للحكم المذكور في الجزاء علّة أُخرى غير الشرط، لزم صدور معلول واحد عن علّتين وهو محال، وعليه فإنّ الجزاء ينبغي أن يصدر عن الشرط فقط، وهو معنى الالتصاق، فبانتفاء الشرط ينبغي أن ينتف الجزاء أيضاً.[1]

وفيه: أنّ دعواه الأُولى مشكلة بأنّ مجرّد النسبة الالتصاقيّة بين الشرط والجزاء، لا تكفي لإفادة المفهوم، لأنّ الالتصاق لا يعني إلّا الملاصقة بين وجود الشرط ووجود الجزاء، ولكن هذا المقدار لا يكفي لإفادة المفهوم في القضية الشرطيّة، بل يلزم ـ كما تقدّم ـ أن تكون النسبة بحيث يعلّق وجود الجزاء على وجود الشرط وينتفي بانتفائه ممّا يعني كون الشرط علّة منحصرة للجزاء.

ويشكل دعواه الأخيرة بأنّ قاعدة «الواحد» إنّما هي للواحد من جميع الجهات ولا تجري في المركّبات التي يمكن أن تكون لكلّ جهة منها علّة علی حده، ولذلك يقال في الحيثيّة التقييديّة أنّ انتفاءها لا يوجب انتفاء الحكم، بينما لو تمّت دعواه لم يكن فرق حينئذٍ بين الحيثيّة التعليليّة والتقييديّة للزوم انتفاء الحكم بانتفاء أيّ منهما.

ثمّ إنّ الذي نسبه المحقّق الخراساني إلى الشهيد الثاني، فهو مستفاد من كلامه في تمهيد القواعد حيث قال: «ذهب جماعة من الأُصوليّين إلى أنّ‌ مفهوم الصفة والشرط حجّة، أي: يدلان على نفي الحكم عند انتفاء الصفة والشرط. وقيل: ليسا بحجّة. وفصّل آخرون فجعلوا مفهوم الشرط حجّة دون الصفة. ولا فرق فيهما بين النفي والإثبات.

ولا إشكال في دلالتهما في مثل الوقف والوصايا والنذور والأيمان، كما إذا قال: «وقفت هذا على أولادي الفقراء» أو «إن كانوا فقراء» ونحو ذلك.»[2]

وما أجابه به المحقّق الخراساني عن هذه الدعوی بالنسبة إلى مفهوم الوصف وإن كان تامّاً في ما إذا ظهر الكلام في أنّ المنذور أو الموقوف جميع المال ـ لأنّ ظاهر الكلام حينئذٍ هو اختصاص جميع المال بالمنذور له أو الموقوف عليه حيث لا يبقى بعد ذلك مال حتّی يتعلّق بغيره ـ ولكنّه لا يتمّ فيما إذا لم يكن للكلام ظهور في مثل ذلك، بل كانت غاية مدلوله إيجاد حقّ في المال للمنذور له أو الموقوف عليه بالنذر أو الوقف، بداهة أنّه يمكن نذر المال أو وقفه على أكثر من فرد أو عنوان. فالجواب عنها هو ما نقلناه سابقاً عن الشيخ الأنصاري في مفهوم الوصف من أنّه بانتفاء الوصف وانتفاء منطوق الدليل به، لا يبقى دليل لشمول الحكم لغير المتّصفين بذلك الوصف والأصل يقتضي عدم شموله لهم.


logo