« قائمة الدروس
بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

46/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

ضابط وجود الدلالة المفهوميّة في الكلام - المراد من شخص الحکم و سنخ الحکم/ المقدمات /المفاهيم

الموضوع: المفاهيم / المقدمات / ضابط وجود الدلالة المفهوميّة في الكلام - المراد من شخص الحکم و سنخ الحکم

 

ضابط وجود الدلالة المفهوميّة في الكلام

كما تقدّم في أثناء الكلام السابق، فإنّ المفهوم منتزع من التغيير في الحيثيّات التقييديّة الزائدة على ذات الموضوع المأخوذ في القضيّة، ولذلك فاشتمال الجملة على المفهوم يتطلّب أن توجد حيثيّات تقييديّة لترتّب الحكم على الموضوع في القضيّة فضلاً عن ذات الموضو

ولكن مضافاً إلی ذلك فقد ذُكر شرط آخر لاشتمال الكلام على المفهوم وهو أن يكون المذکور في الكلام سنخ الحكم.

قال المحقّق الخراساني في توضيح ذلك: «إنّ المفهوم هو انتفاء سنخ‌ الحكم‌ المعلّق على الشرط عند انتفائه لا انتفاء شخصه، ضرورة انتفائه عقلاً بانتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده، فلا يتمشّى الكلام في أنّ للقضيّة الشرطيّة مفهوماً أو ليس لها مفهوم إلّا في مقام كان هناك ثبوت سنخ‌ الحكم‌ في الجزاء وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممكناً، وإنّما وقع النزاع في أنّ لها دلالة على الانتفاء عند الانتفاء أو لا يكون لها دلالة؟

ومن هنا انقدح أنّه ليس من المفهوم دلالة القضيّة على الانتفاء عند الانتفاء في الوصايا والأوقاف والنذور والأيمان كما توهّم،‌ بل عن الشهيد في تمهيد القواعد أنّه لا إشكال في دلالتها على المفهوم، وذلك لأنّ انتفاءها عن غير ما هو المتعلّق لها من الأشخاص التي تكون بألقابها أو بوصف شي‌ء أو بشرطه مأخوذة في العقد أو مثل العهد، ليس بدلالة الشرط أو الوصف أو اللقب عليه، بل لأجل أنّه إذا صار شي‌ء وقفاً على أحد أو أُوصي به أو نذر له إلى غير ذلك، لا يقبل أن يصير وقفاً على غيره أو وصيّة أو نذراً له، وانتفاء شخص الوقف أو النذر أو الوصيّة عن غير مورد المتعلّق قد عرفت أنّه عقليّ مطلقاً ولو قيل بعدم المفهوم في مورد صالح له.»[1]

والمراد من شخص الحكم وسنخ الحكم يتّضح عند الالتفات إلى أنّه يمكن استفادة أمرين في كلّ قضيّة عند انتفاء حيثيّاته التقييديّة:

1 ـ انتفاء منطوق القضية الذي عبّر عنه الأصحاب بانتفاء شخص الحكم.

2 ـ إثبات مفاد المنطوق ـ في مفهوم الموافقة ـ أو الحكم بانتفائه ـ في مفهوم المخالفة ـ حيث يعبّر الأُصوليّون عن الحكم بانتفاء مفاد المنطوق بانتفاء سنخ الحكم.

ومن المحتوم انتفاء منطوق القضيّة بانتفاء الحيثيّة التقييديّة المذكورة فيها ولا يوجد معنىً زائد على المنطوق فيه، لأنّ انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه أمر عقلي، وعليه فإنّ الذي يمكن تسميته بالمفهوم هو إثبات مفاد المنطوق أو الحكم بانتفائه في صورة التغيير في الحيثيّات التقييديّة.

مثلاً إنّ وجوب الإكرام في قضيّة «أكرم العالم العادل» ينتفي قطعاً بانتفاء قيد العدالة، إذ الحكم ينتفي بانتفاء موضوعه ويمكن الادّعاء بأنّ منطوق هذه القضيّة لا دلالة فيه على وجوب إكرام العالم غير العادل، غير أنّ الذي يمكن الأخذ به مفهوماً للقضيّة هو الحكم بعدم وجوب إكرام العالم غير العادل ممّا ينبغي إثبات دلالة القضيّة عليه.

وبعبارة أُخرى: فالمراد من انتفاء شخص الحكم هو عدم المنطوق، وهو أمر عدمي، والمراد من انتفاء سنخ الحكم هو الحكم بعدم مفاد المنطوق وهو أمر وجودي، فالذي يقال في تعريف مفهوم المخالفة من أنّه «الانتفاء حين الانتفاء» لا يراد به انتفاء المنطوق وإنّما الحكم بانتفاء مفاد المنطوق.

وبناءً على ما تقدّم من التوضيح يمكن فهم مراد الشيخ ممّا ذكره وهو ما سنتاول بيانه في الجلسة القادمة إن شاء الله.


logo