46/05/01
بسم الله الرحمن الرحیم
إشکال مقالة المحقق الخوئي علی الملازمة بين المنطوق والمفهوم/ المقدمات /المفاهيم
الموضوع: المفاهيم / المقدمات / إشکال مقالة المحقق الخوئي علی الملازمة بين المنطوق والمفهوم
يتّضح بالنظر إلى ما تقدّم في الجلسة السابقة إشكال مقالة المحقّق الخوئي الأخيرة أيضاً، إذ على الرغم من صحّة دعوى أنّ المفهوم يدرك بسبب الملازمة البيّنة بالمعنى الأخصّ، غير أنّ هذه الملازمة ليست قائمة بين المنطوق والمفهوم وإنّما بين كيفيّة مدخليّة الحيثيّات التقييديّة للقضيّة في ترتّب الحكم على الموضوع وبين المفهوم، إذ لو كانت بين المنطوق والمفهوم ملازمة، ففيما فهم المخاطب بدليل خارجيّ أنّ القضيّة لا مفهوم لها ـ مثل أن يقول في البداية: «إن جاءك زيد فأكرمه» ثم يقول: «أكرم زيداً وإن لم يجئك» ـ فينبغي الحكم بانتفاء المنطوق أيضاً وإشكاله واضح.
على أنّ البحث في المقام بحث في ثبوت المفهوم لا حجّيّته، إذ في حال وجود المفهوم فلا إشكال في حجّيته بعد القبول بحجيّة الظواهر، والمفهوم غير الحجّة ليس مفهوماً في الواقع.
اللهمّ إلّا أن يقال: مراده ممّا ذكره في نهاية كلامه ليس أنّ المفهوم ينقسم إلى حجّة وغير حجّة، وإنّما أراد أنّه وإن أمكن وجود ملازمة بيّنة بالمعنى الأعمّ وملازمة بيّنة بالمعنى الأخصّ بين المنطوق والمفهوم، غير أنّ القضايا التي سنتطرّق في البحث تباعاً إلى أنّها هل تشتمل على مفهوم أم لا، هي قضايا إن كان لها مفهوم فالملازمة بين منطوقها ومفهومها من الملازمة البيّنة بالمعنى الأخصّ.
وعليه فإثبات اشتمال القضيّة على المفهوم، يحتاج إلى أن يؤخذ فيها شيء غير ذات الموضوع بحيثيّة تقييديّة حتّى يمكن من خلال تغيير تلك القيود استفادة معنىً غير المعنى المنطوق لللفظ، لأنّ ذات الموضوع في اللفظ ـ مثل زيد في عبارة «إن جاءك زيد فأكرمه» ـ ينبغي أن يكون ثابتاً في المفهوم ولا يمكن تغييره، وإلّا لم تمكن دعوی أنّ العلّيّة الانحصاريّة للحيثيّة التقييديّة لترتّب الحكم على الموضوع المذكور في قضيّة تستلزم أن يترتّب حكم آخر على موضوع آخر أو ينفى عنه.
وليعلم أنّ مجرّد وجود هذه الحيثيّة في اللفظ لا يكفي لأخذ المفهوم منه، وإنّما يشترط في أخذ المفهوم من اللفظ ما سنطرحه في البحث عن ضابطة وجود الدلالة المفهوميّة.
وأمّا الفرق الذي قال به السيّد الخوئيّ بين الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة، والملازمة بين منطوق الشرط ومفهومه، لا يسبّب أن تعدّ الملازمة في الأوّل من القسم غير البيّن وفي الثاني من القسم البيّن، لأنّ الملازمة البيّنة وغير البيّنة تفترقان في أنّ الوصول من الملزوم إلى اللازم في الأُولى لا يحتاج إلى مقدّمة خارجيّة بينما تحتاج الثانية منهما إليها، ومعلوم أنّ كون الملازمة عقليّة لا يؤدّي إلى أن تصبح الملازمة غير بيّنة، لأنّ المراد من المقدّمة الخارجيّة هو الخارج عن اللازم والملزوم والملازمة، لا ما يثبت الملازمة من خارج اللفظ.
على أنّه وإن كان يتمّ بيان علّيّة الشرط الانحصاريّة للحكم بواسطة اللفظ غير أنّ إدراك وجود الملازمة في هذه الصورة بين عدم الشرط وعدم الحكم إنّما يتمّ بالعقل، وعليه فلا فرق من هذه الجهة بين الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة والملازمة بين المنطوق والمفهوم، بل بحسب الملاك المتقدّم فإنّ الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة ملازمة بيّنة، والملازمة بين منطوق الشرط ومفهومه ملازمة غير بيّنة بناءً على القبول بوجود الملازمة.