46/04/26
بسم الله الرحمن الرحیم
تلقي الشهيد الصدر من تعريف الشيخ ونقده/ المقدمات /المفاهيم
الموضوع: المفاهيم / المقدمات / تلقي الشهيد الصدر من تعريف الشيخ ونقده
طرحنا في الجلسة السابقة تعريف المحقّق الخراساني للمنطوق والمفهوم.
غير أنّ تعريفه يشكل بأنّ المعنى المنطوق أيضاً لا يذكر في الكلام أحياناً، كما في الدلالة الالتزاميّة أو التضمّنيّة، على أنّ تبعيّة كلا المعنيين ـ المنطوق والمفهوم ـ لخصوصيّة واحدة يشكل بأنّه ينبغي ذكر وجه افتراق بينهما ولم يرد ذلك في كلامه.
وعليه فينبغي القول ـ كما تقدّم ـ بأنّ المنطوق والمفهوم وإن كانا تابعين لخصوصيّات الكلام وقيوده، غير أنّ المنطوق يتبع وجود تلك القيود دون زيادة أو نقصان، بينما يتبع المفهوم زيادة تلك القيود أو نقصانها، وعليه فالأنسب هو تعريف ابن حاجب للمنطوق والمفهوم مع التوجيه الذي قدّم له.
غير أنّ الشهيد الصدر استفاد من كلام المحقّق الخراساني أنّه يعتبر المفهوم من لوازم الخصوصيّة الموجودة في المدلول المطابقيّ للكلام لا من لوازم أصل المدلول المطابقي، فأشكل عليه قائلاً: بناءً على هذا التعريف يكون مفهوم الموافقة خارجاً عن المفاهيم، لأنّ مفهوم الموافقة من لوازم المدلول المطابقي لا لوازم الخصوصيّة الموجودة فيه. على أنّه إذا اعتبرنا الطلب مدلولاً مطابقيّاً لصيغة الأمر واعتبرنا الوجوب مستفاداً من مقدّمات الحكمة، فتدخل في المفاهيم أُمور کوجوب المقدّمة ـ التي هي من لوازم وجوب ذي المقدّمة ـ لأنّ وجوب المقدّمة في هذه الصورة يكون لازماً لخصوصيّة في المدلول المطابقيّ لصيغة الأمر.[1]
إلّا أنّ انطباعه عن كلام المحقّق الخراساني غير صائب، لأنّه أوّلاً: ليس في كلمات المحقّق الخراساني إشارة إلى المدلول المطابقي، بل ورد فيها: «المعنى المراد من اللفظ» ممّا يناسب المدلول المطابقي كما يناسب المدلولين الآخرين التضمّني والالتزامي.
وثانياً: يری المحقّق الخراساني المفهوم أيضاً تابعاً للخصوصيّة التي يتبعها المعنى المستفاد من اللفظ، ولذلك قال: سواء كانت تلك الخصوصيّة وضعيّة أو مستفادة من تماميّة مقدّمات الحكمة، وعليه فلا يمكن الإشكال عليه بأنّ مفهوم الموافقة يلازم أصل المدلول المطابقي لا خصوصيّته، إذ يمكن القول في الجواب بأنّ المنطوق نفسه في هذه الموارد يتبع الخصوصيّة التي يتبعها المفهوم.
كما لا يرد إشكاله الآخر على هذا التعريف، لأنّ وجوب المقدّمة ليس تابعاً لخصوصيّة في الكلام يتبعها الطلب أيضاً وإنّما يتبع وجوب ذي المقدّمة الذي هو منطوق الكلام.
بل لا يرد على دعوى المحقّق الخراساني هذا الإشکال وإن اعتبرنا الوجوب مدلولاً لللفظ، لأنّ وجوب المقدّمة في هذه الصورة أيضاً يتبع المنطوق نفسه لا الخصوصيّة التي يتبعها المنطوق.