46/04/25
بسم الله الرحمن الرحیم
تعريف الشيخ للمفهوم والمنطوق/ المقدمات /المفاهيم
الموضوع: المفاهيم / المقدمات / تعريف الشيخ للمفهوم والمنطوق
تابع الشيخ كلامه قائلاً: «وأمّا القسم الأوّل، فإن كان الحكم المستفاد من الكلام المنطوق به مفاده مفاد قولك: «لا غير» كما في مفهوم المخالفة، ـ كما يقال: «زيد قائم غير عمرو» ـ أو كان الحكم ثابتاً للغير على وجه الترقّي كما في مفهوم الموافقة، فهو المفهوم بقسميه، وإلّا فهو من المنطوق.
فاستقرّ اصطلاحهم على تسمية هذا النوع من المدلول الالتزامي بالمفهوم، وذلك شامل لجميع المفاهيم...
ولا يرد النقض بدلالة الإشارة، فإنّ المستفاد من الآيتين هو الحكم بأنّ أقلّ الحمل ستّة ولا دلالة فيهما على نفي الحكم عن الغير أو الإثبات له على وجه الترقّي، ولا بدلالة الأمر على الوجوب أو على وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ...
ويمكن أن يعرّف المفهوم حينئذٍ بـ «أنّه حكم أُفيد لغير المذكور»، سواء كان مغايراً في النفي والإثبات أو موافقاً، كما هو قضيّة إطلاق الحكم، فيشمل لكلا قسمي المفهوم.
والوجه في تبديل «الدلالة» بـ «الإفادة» إخراج ما لا يكون مقصوداً من اللوازم، والمراد بكونه حكماً لغير المذكور هو كونه ثابتاً له على أحد الوجهين المتقدّمين، والمراد بغير المذكور هو الموضوع الذي سيق له الحكم.
وتوضيحه: أنّ المراد بـ «الموضوع» في المقام وأمثاله ليس خصوص المبتدأ أو الفاعل في الجملة الخبريّة، بل كلّ ما يتعلّق بالحكم من المتعلّقات من الظرف والغاية والفاعل والمفعول ونحوها من الأُمور المذكورة في القضيّة التي يمكن الإخبار عنها بالحكم... وبالجملة فتشخيص الموضوع في القضايا موقوف على تشخيص ما سيق لأجله الكلام المذكور...
والأولى أنّ الحدود المذكورة إنّما هي حدود لفظيّة لا عبرة بها بعد تميّز المعنى المقصود عن غيره، كما ذكرنا وجه التميّز.
مع أنّه لا يكاد يظهر الثمرة في تشخيص مصاديق المفهوم عن المنطوق عدا ما قيل: من تقدّم المنطوق على غيره. وفيه: أنّ المناط في التقديم على قوّة الدلالة لا على التسمية، والقوّة غير مخفيّة.
نعم، تظهر الثمرة فيما لو اشتمل على أحد اللفظين عنوان من عناوين الأدلّة مع إرادة المعنى المصطلح، ولكنّه لا يكاد يوجد.»[1]
والحقّ أنّ بيان الشيخ الذي جاء في النهاية بيان متين، ولكن من الأفضل أن يقال في تعريف المنطوق والمفهوم بدلاً من كلام الشيخ: إنّ المنطوق هو المعنى المستفاد من العبارة مع جميع القيود الموجودة فيها دون زيادة أو نقصان ـ سواء اللفظيّة منها أو المعنويّة ـ والمفهوم هو المعنى المتحصّل من إضافة قيود الكلام أو حذفها مع الحفاظ على ذات الموضوع المذكور فيه، وعليه فإنّ الأقسام الثلاثيّة للدلالات اللفظيّة ـ المطابقيّة والتضمنيّة والالتزاميّة ـ داخلة في المنطوق، ولا وجه لاعتبار الدلالتين التضمنيّة أو الالتزاميّة داخلتين في المفهوم.
ويتّضح بالنظر إلى ما تقدّم إشكال التعريف الذي قدّمه المحقّق الخراساني للمنطوق والمفهوم حيث قال في تعريف المفهوم: المفهوم عبارة عن حكم إنشائي أو إخباري يتبع خصوصيّة المعنى المستفاد من اللفظ بواسطة تلك الخصوصيّة ـ ولو بقرينة الحكمة ـ وهذا الحكم الإنشائي أو الإخباري يلازم المعنى المستفاد من اللفظ بواسطة تلك الخصوصيّة، سواء طابق المعنى المستفاد من اللفظ من حيث السلب والإيجاب أو خالفه، وعليه فيمكن أن نعرّف المفهوم بأنّه «حكمٌ غير مذكور» وليس «حكماً لغير المذكور».[2]
وبعبارة أُخرى: فهو يريد أنّ الخصوصيّات الموجودة في اللفظ والتي يتبعها معنى اللفظ المنطوق، قد تسبّب تبعيّة معنىً آخر لها ممّا يلازم معنى منطوق اللفظ، وذلك المعنى مفهوم الكلام، والفرق بينهما هو أنّ المنطوق مذكور في الكلام دون المفهوم.
غير أنّ هذا مشكل سنتعرّض إلى بيان إشكاله في الجلسة القادمة إن شاء الله.