46/04/23
بسم الله الرحمن الرحیم
تعريف المنطوق والمفهوم/ المقدمات /المفاهيم
الموضوع: المفاهيم / المقدمات / تعريف المنطوق والمفهوم
المفاهيم
المقدّمات:
الف) تعريف المنطوق والمفهوم
مفردة «المفهوم» تستعمل في معانٍ مختلفة وفي أحدها تشمل المنطوق أيضاً، فمن الضروري في مقدّمة البحث أن نبيّن المراد من «المنطوق» و«المفهوم» ليمكن الاستمرار في البحث بناء عليه.
يقول ابن حاجب في تعريف المنطوق والمفهوم: «الدلالة منطوق، وهو ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق، والمفهوم بخلافه، أي لا في محلّ النطق.»[1]
وقال العضديّ في شرحه: «فالمنطوق ما دلّ عليه اللفظ في محلّ النطق، أي يكون حكماً للمذكور وحالاً من أحواله، سواء ذكر ذلك الحكم ونطق به أو لا. والمفهوم بخلافه، وهو ما دلّ لا في محلّ النطق، بأن يكون حكماً لغير المذكور وحالاً من أحواله. و«ما» ههنا مصدريّة لتصلح قسماً للدلالة.»[2]
ولكنّ الآمديّ أشكل على هذه الدعوى قائلاً: «أمّا المنطوق، فقد قال بعضهم: هو ما فهم من اللفظ في محلّ النطق، وليس بصحيح، فإنّ الأحكام المضمرة في دلالة الاقتضاء مفهومة من اللفظ في محلّ النطق ولا يقال لشيء من ذلك «منطوق اللفظ». فالواجب أن يقال: المنطوق ما فهم من دلالة اللفظ قطعاً في محلّ النطق، وذلك كما في وجوب الزكاة المفهوم من قوله(ص): «في الغنم السائمة زكاة»، وكتحريم التأفيف للوالدين من قوله تعالی: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ)[3] ، إلى نظائره.
وأمّا المفهوم فهو ما فهم من اللفظ في غير محلّ النطق.
والمنطوق وإن كان مفهوماً من اللفظ غير أنّه لمّا كان مفهوماً من دلالة اللفظ نطقاً، خصّ باسم المنطوق وبقي ما عداه معرّفاً بالمعنى العامّ المشترك تمييزاً بين الأمرين.»[4]
ودلالة الاقتضاء هي ما يتوقّف صدق الكلام أو صحّته عقلاً أو شرعا أو لغةً أو عادةً عليه، كما لو استلزمت صحّة الكلام أو صدقه تقدير كلمة أو عبارة، مثل قوله تعالى: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ)[5] الذي يعني: «واسأل أهل القرية»، وكلمة «أهل» التي هي جزء من أجزاء الكلام لم ترد في الآية، غير أنّ من المسلّم بمقتضى المقام أن تكون الكلمة مستترة ومرادة للمتكلّم.
والظاهر من مدّعى الآمدي أنّه لا يرى دلالة الاقتضاء من دلالة المنطوق ولا من دلالة المفهوم بل يراه قسماً ثالثاً من الدلالة
وقال التفتازانيّ شرحاً لكلام العضديّ: «المنطوق الصريح ما وضع اللفظ له، أي دلالة اللفظ على ما وضع له بالاستقلال أو بمشاركة الغير، فيشمل المطابقة والتضمّن. وغير الصريح دلالة اللفظ على ما لم يوضع له.
وقوله: «سواء ذكر ذلك الحكم أو لا» ليعمّ الصريح وغير الصريح، فإنّ الحكم فيه وإن لم يذكر ولم ينطق به لكنّه من أحوال المذكور وأحكامه... والفرق بين المفهوم وغير الصريح من المنطوق محلّ نظر.»[6]
وسنتابع بقيّة البحث في الجلسة القادمة إن شاء الله.