46/04/17
بسم الله الرحمن الرحیم
البحث فی الروايات الواردة حول عصيان الوضعي/ اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه /النواهی
الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / البحث فی الروايات الواردة حول عصيان الوضعي
سلّم المحقّق الخراساني في دلالة حسنة زرارة بأنّ العصيان في مخالفة المولى عصيان تكليفي وحمل العصيان في مخالفة الشارع على العصيان الوضعي ولكنّه قال: إنّ ظاهر المعصية التي نفتها الحسنة هو أنّ النكاح ليس من الأُمور التي لم يمضها الشارع ولم يشرّعها حتّى تفسد، ومعلوم أنّ استلزام المعصية بهذا المعنى للفساد من الأُمور الواضحة، ولا إشكال في إطلاق المعصية على الأعمال التي لم يمضها الشارع، كما تطلق المعصية على مجرّد عدم إذن المولى بالعمل أيضاً.[1]
وقال المحقّق الإصفهاني تأييداً لدعوى المحقّق الخراساني: «ممّا يؤيّد ذلك قول السائل في رواية أُخرى ـ متّحدة مع المذكورة في المتن من حيث السائل والمسؤول ـ ما لفظه: «فإنّه في أصل النكاح كان عاصياً؟ فقال الإمام(ع): أتى شيئاً حلالاً، وليس بعاصٍ لله ورسوله(ص).»[2] [3]
فيظهر منه أنّ قوله: «يقولون: أصل النكاح فاسد» مع قوله هنا: «في أصل النكاح كان عاصياً» بمعنى واحد. وأمّا قوله(ع): «أتى شيئاً حلالاً» ونحوه، فالمراد من الحلّيّة والجواز، هو المعنى اللغوي المناسب للوضع والتكليف، ويؤيّده قوله: «ولا يحلّ إجازة السيّد له»، فإنّ معنى الحلّ هنا قطعاً هو النفوذ، أي: لا ينفذه إجازة السيّد له، لا أنّه يحرّمه أو يحرّم الإجازة عليه.
وفي رواية ثالثة في مملوك تزوّج بغير إذن مولاه: «أعاصٍ لله؟ قال(ع): عاصٍ لمولاه. قلت: هو حرام؟ قال عليه السلام: ما أزعُم أنّه حرام...»[4] [5]
ولو كان المراد بالمعصية فعل الحرام، لم يكن وجه للسؤال عن الحرمة بعد نفي كونه فاعلاً للحرام، فهذه الرواية أظهر من غيرها من حيث إرادة أنّه لم يفعل ما لم ينفّذه تعالى بل فعل ما لم ينفّذه السيّد، ولا بأس بالسؤال عن الحرمة بعد النفوذ لما ذكرنا مراراً من عدم الملازمة بين الحرمة وعدم النفوذ، وفيه إشارة إلى عدم الملازمة عرفاً أيضاً كما لا ملازمة عقلاً، فتأمّل.»[6]
غير أنّ المؤيّدات التي تمسّك بها مشكلة، إذ ورد في ذيل الرواية الأُولى المؤيّدة: «إنّ ذلك ليس كإتيان ما حرّم الله عزّ وجلّ عليه من نكاح في عدّة وأشباهه»، ولا يمكن إنكار ظهور عبارة «حرّم عليه» في الحرمة التكليفيّة.
كما أنّ الذي ورد في الرواية الثانية يخالف دعواه، لأنّ الإمام(ع) بعد أن بيّن تحقّق معصية المولى، قال بأنّ العمل غير محرّم، ومعلوم أنّ الذي يمكن حمله على الوضع في هذه العبارة هو الحرمة لا العصيان، إذ لا إشكال في تحقّق الحرمة التكليفيّة بفعل العبد الفاقد لإذن المولى ـ لأنّ فعله مصداق للتصرّف في مال غيره من دون إذنه ممّا لا تنكر حرمته التكليفيّة ـ وبما أنّ العصيان ثابت والحرمة منفيّة، فلابدّ من أن يحمل العصيان على التكليف والحرمة على الوضع. ويؤيّده ما ورد في ذيل الرواية حيث قال(ع): «قل له أن لا يفعل إلّا بإذن مولاه» الظاهر في أنّ صحّة النكاح تحتاج إلى إجازة المولى اللاحقة، لا أن يحكم بالحرمة الوضعيّة وفساد العمل إذا فقد الإذن المرافق بالنكاح.
وسنطرح في الجلسة القادمة إن شاء الله إشكالاً آخر يرد على مقالة المحقّق الإصفهاني.