46/04/11
بسم الله الرحمن الرحیم
تتمة اشکال المحقق الخوئی علی دعوى الميرزا النائيني والجواب عنها/ اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه /النواهی
الموضوع: النواهی / اقتضاء النهي لفساد العمل المنهيّ عنه / تتمة اشکال المحقق الخوئی علی دعوى الميرزا النائيني والجواب عنها
أشكل السيد الخوئيّ على دعوى الميرزا النائيني بخصوص ابتناء إفتاء الفقهاء في بعض الموارد على دلالة الدليل على تحديد قدرة المكلّف شرعاً، وقال: إنّ تسالم الفقهاء على الفرع الأوّل وإن كان صحيحاً غير أنّه لا يستند إلى خروج العمل من تحت سلطة المكلّف ومملوكيّته لله تعالى، بل إلزام الشارع بإتيان هذه الأعمال مجّاناً هو الذي لا يتناسب بطبيعة الحال مع عنوان الإجارة عليها، إذ لو أدّى اختصاص العمل بالله تعالى إلى بطلان الإجارة عليها، فينبغي القول بفساد الإجارة بالنسبة إلى كلّ عمل يتّصف بالوجوب ولو كفائيّاً ـ كالحِرَف الواجبة كفائيّاً ـ والحال غير ذلك.[1]
ولكن لا يوجد في الأدلّة الشرعيّة ما يدلّ على لزوم إتيان الواجبات مجّاناً، بل المراد من الواجبات المجّانيّة في كلام الميرزا النائيني هي الواجبات التي يدلّ الدليل الشرعيّ على وجوب إتيانها على أيّة حال، لا ما صرّح بلزوم إتيانها مجّاناً. علماً بأنّ الوجه في حكم الفقهاء بعدم جواز أخذ المال على مثل هذه الواجبات ـ خلافاً لمقالة الميرزا النائيني ـ ليس دخول العمل في ملك الله تعالى، وإنّما الوجه فيه أنّ المكلّف بعد حكم الشارع بوجوب إتيان هذه الأعمال لا يملك اختياراً في تركها. وبعبارة أُخرى: فإنّ الشارع قد حدّد محلّ صرف منفعة المكلّف من حيث هذه الأعمال، ولذلك لا سلطة للمكلّف عليها حتّى يجعل نفسه أجيراً لغيره في إتيانها.
نعم، لا يبعد أن يكون مراد الميرزا النائيني أيضاً من دخول العمل في ملك الله تعالى هذا المعنى لا ما ذكره السيّد الخوئيّ من أنّ ملكيّة الله تعالى للأعمال الواجبة معناه اختصاصها به سبحانه، ولذلك يمكن الجواب على النقض الذي أورده على دعوى الميرزا النائيني بأنّه كما تقدّم في توجيه الواجبات الكفائيّة فإنّ توجّه التكليف فيها إلى أيّ مكلّف منوط بعدم إتيان العمل من قبل سائر المكلّفين، فللمكلّف أن يطالب سائر المكلّفين بالأُجرة إزاء سقوط التکليف عنهم بسبب عمله، كما له المطالبة بالأُجرة على الواجبات العينيّة أيضاً بالنسبة إلى مقدّمات العمل أو حيثيّاته غير الدخيلة في الواجب نفسه.
أمّا بالنسبة إلى المثال الثاني الوارد في كلمات الميرزا النائيني فقد قال السيّد الخوئي: إذا كان النذر على نحو النتيجة وقلنا بصحّة هذا النذر، فالوجه في عدم صحّة بيع المنذور في هذه الصورة يكون خروج المنذور عن ملك الناذر بالنذر ممّا لا علاقة له بدعوى الميرزا النائيني، لأنّ دعواه كانت محجوريّة المالك مع بقاء الملكيّة.
وإذا كان على نحو نذر الفعل، فبطلان بيع المنذور في هذه الصورة غير متسالم عليه بين الفقهاء.[2]
ومن الصحيح ما ادّعاه من عدم تسالم الأصحاب على فساد هذا المورد، کما أنّه لا تصحّ دعوى الميرزا النائيني في خصوص المثال الثالث أيضاً من تسالم الفقهاء على فساد بيع العين التي شُرط عدم بيعها ضمن العقد، فإنّهم غالباً ما قالوا بصحّة البيع ووجود حقّ فسخ المعاملة الأُولى للمشروط له بسبب تخلّف الشرط، وأمّا سببيّة كون النذر أو الشرط المذكور لتضييق سلطة المالك على العين وعدم صحّته بالتبع، فهي دعوى صحيحة وقد ذكرنا وجهها بالتفصيل في كتابنا «أسباب التحريم في النكاح»[3] .