« قائمة الدروس
بحث الفقه الأستاذ سید علي الموسوي اردبیلي

47/07/02

بسم الله الرحمن الرحیم

حقّ استرداد النفقة للزوج/ النفقات /النکاح

الموضوع: النکاح / النفقات / حقّ استرداد النفقة للزوج

 

قلنا: إنّ نفقة الزوجة واجبة على الزوج وجوباً فعليّاً وإن كان الواجب استقباليّاً. وبناءً عليه فلو تبيّن بعد دفع النفقة من قبل الزوج أنّه في زمان الحاجة إليها لم تكن هناك زوجيّة، أو أنّ الزوجة كانت ناشزاً، تبيّن أنّ نفقة ذلك الزمان لم تكن واجبة على الزوج من الأوّل، وبالتالي يكون للزوج حقّ استردادها.

إلا أنّ العلامة قال في القواعد: «إن ماتت في أثناء النهار لم تستردّ وكذا لو طلّقها. ولو نشزت استردّ على إشكال.»[1]

وقال کاشف اللثام في توضيح مدّعی العلامة: «إن ماتت في أثناء النهار والنفقة باقية، لم تستردّ، لأنّها ملكتها بالقبض.

وكذا لو طلّقها. بخلاف ما لو أسلفها نفقة شهر ونحوه فماتت، أو طلّقت قبل الأجل، فإنّها لا تملك إلا نفقة يوم يوم، فتستردّ إلا نفقة يوم الموت أو الطلاق.

ويمكن المناقشة في عدم الاسترداد لا سيّما نفقة الليل إذا حصل الفراق قبله.

ولو نشزت في أثناء اليوم وقد قبضت النفقة، استردّ على إشكال، من تقدّم القبض الموجب للملك قبل النشوز، ومن أنّ‌ الملك مشروط بالتمكين، فبالقبض إنّما ملكته ملكاً مراعىً.

هذا مع بقاء العين، إذ مع الإتلاف لا دليل على وجوب العوض مع إباحة المالك والإذن شرعاً في الإتلاف.»[2]

ولكن بناءً على ما ذكرناه، لا وجه للحكم بعدم الاسترداد ولا للإشكال في جوازه، لأنّ ملكيّة الزوجة للنفقة ـ في الموارد التي قام الدليل على ملكيّتها لها ـ مشروطة بوجود المقتضي لملكها في زمان الحاجة إليها وعدم المان فبناءً عليه إذا لم تكن هناك زوجيّة في ذلك الزمان أو كانت الزوجة ناشزاً، تبيّن أنّها لم تملك النفقة حين قبضتها، ولا وجه حينئذٍ لعدم تمكّن الزوج من استرداد ما سلّمه إليها.

وأمّا ما ذكره كاشف اللثام من أنّه في صورة تلف العين لا وجه للمطالبة بالعوض، فليس تامّاً أيضاً، لأنّ تجويز إتلاف الزوجة للنفقة منوط باستحقاقها لها، فإذا انكشف عدم ثبوت هذا الاستحقاق، کشف عن أنّه لم يكن هناك تجويز للإتلاف واقعاً.

وبعبارة أُخرى: إنّ المستفاد من الأدلّة هو جواز إتلاف «النفقة» من قبل الزوجة، لا جواز إتلاف كلّ مال سلّمه الزوج إليها ولو لم يصدق عليه عنوان النفقة.

نعم، إذا كانت الزوجةُ لجهلها بعدم وجود المقتضي أو عروض المانع لاستحقاق النفقة في الوقت الذي تحتاج فيه إليها، قد استهلكتها قبل حلول الوقت المخصّص لها، فلا تكون مرتكبة للحرام، لأنّها من حيث تصوّرها أنّها تتصرّف في ملكها، كانت ظاهراً مجازة في هذا التصرّف. غير أنّ ذلك لا ينافي كونها ضامنة بعد انکشاف الواقع، إذ قد يثبت الضمان مع جواز العمل في الواقع أيضاً فضلاً عن جوازه ظاهراً.

ثمّ إنّ مبنانا في المسألة يختلف اختلافاً جوهريّاً عن مبنى الأصحاب من حيث الآثار، وذلك أنّه على مبنى الأصحاب تكون فعليّة وجوب نفقة كلّ يوم منوطة بطلوع صباح ذلك اليوم، وقبل ذلك لا تكون النفقة واجبة على الزوج. وبناءً عليه، فإذا كان إعداد نفقة الزوجة لليوم الآتي متوقّفاً على أن يهيّئ الزوج مقدّماتها في اليوم السابق، فلا وجه لوجوب تهيئة تلك المقدّمات عليه، کما لا يجب تهيئة مقدّمات الحجّ قبل حصول الاستطاعة وإن علم المکلّف بحصولها فيما بعد في زمان لا يمکن تحصيل مقدّماته حينئذٍ.

وأمّا على ما تقدّم منّا، فحيث يصير وجوب نفقة الزوجة فعليّاً بمجرّد تحقّق الزوجيّة إلى انتهاء مدّتها، فإنّ إعداد المقدّمات التي يتوقّف عليها تأمين نفقة الزوجة يكون لازماً على الزوج، ولو استلزم ذلك أن يقدم علی تهيئتها قبل زمان احتياجها إليها بمدّة طويلة.

 


logo